الإستعارة وادّعاء الأحجام، وإن المنفوخة، «نهجٌ» دأب عليه إبن مجيد أرسلان. قبل تسع سنوات، وبعيد الانتخابات النيابية، أعلن «المير» ولادة كتلة نيابية مؤلّفة من أربعة نواب همّ، بالإضافة اليه، ناجي غاريوس، بلال فرحات، وفادي الاعور بهدف منحه حقّ المشارَكة في نقاشات «طاولة الحوار» حيث كان شرطُ الاشتراك فيها، بحسب نظامها، ترؤسَ كتلة نيابية لا يقلّ أعضاؤها عن أربعة نواب. كتلة لم تجتمع، ولم تقرّر، ولم تُصدر بياناً واحداً. جمعتها فقط الصورة مع باقي أعضاء تكتل «التغيير والإصلاح» الذي ما لبث أرسلان نفسُه أن غادره «على مشكل»!
نائب عاليه في دورات 1992 و1996 و2000 و2009، وشاغل عدة حقائب وزارية منذ 1990 حتى تاريخ تولّيه وزارة المهجرين في حكومة سعد الحريري الأخيرة رفض تولّيه وزارة دولة عام 2011 في حكومة نجيب ميقاتي. «عزّت عليه الدني»، فجيّرها الى صهره مروان خير الدين، لكنه اليوم يعاند الأرقام وصناديق الاقتراع فارضاً نفسه رقماً درزياً بدعم واضح من أصحاب شعار «الميثاقية والقوي في بيئته» وصل الى حدّ الترويج أنه سيكون الدرزي الثالث من حصة رئيس الجمهورية، على الرغم من سقوط كافة مرشّحيه في الانتخابات!
قبل عام تماماً أعلن أرسلان نيّة الحزب «الديموقراطي اللبناني» إعلان ترشيحاته في كلّ الدوائر التي له تواجد فيها، من بعبدا إلى عاليه -الشوف وراشيا-حاصبيا، وذلك بخلاف عام 2009 حيث لم يتبنّ أيّ مرشح.
صَدَق «المير» ووزّع مرشحيه في الأقضية بعدما حصّن «مغامرته» في إثبات حيثيّته بإعلان التحالف السياسي مع باسيل، على أنقاض فشل التحالف الانتخابي مع «الحزب الاشتراكي»، في محاولة بدت واضحة لتطويق النائب وليد جنبلاط.
يُفترض أن يكون إلتزامُ أرسلان بمقرّرات تكتل «لبنان القوي» على مدى أربع سنوات، أحد أوجه إختبار «متانة» هذا التحالف خصوصاً بعدما سبق لـ «المير» أن «هَشَل» من تكتل «التغيير والإصلاح» برئاسة عون وأختار الأعور التمرّد والبقاء في المركب العوني. أما الأختبار الحقيقي فهو إيجاد «موطئ» حقيبة لأرسلان في حكومة «التكتلات القوية».
لم تنفع كل محاولات أرسلان لدى «أمل» و»حزب الله»، قبل الانتخابات، في ترشيحِ درزيٍّ محسوبٍ عليه في بيروت الثانية بوجه مرشح جنبلاط فيصل الصايغ. الأخير شكّل خطاً أحمر مراعاةً لـ «البيك الجنبلاطي». بالتزامن فشلت وساطاتُ الثنائي الشيعي بتكريس التحالف بين جنبلاط وأرسلان بضمّ الأخير مع مرشحه مروان أبو فاضل الى لائحة زعيم المختارة في الشوف-عاليه، فإذا بوهج التحالف العوني-الأرسلاني يدفع «المير» الى التخلّي عن مرشحه «الدائم» أبو فاضل لصالح الياس حنا العوني بعدما ضمّ الى اللائحة مازن بو درغم ومروان حلاوي عن المقعدَين الدرزيَّين في الشوف. أما في حاصبيا فرشّح وسام شروف عضو المكتب السياسي في «الحزب الديموقراطي».
إنتهت الانتخابات وبعدها بانت الفضائح. بالأساس، لولا قرار جنبلاط بترك مقعد شاغر لـ المير» لكان اليومَ نائباً سابقاً يترحّم على «عزّ» بوسطات القانون الأكثري. في عاليه نال أرسلان 7887 صوتاً مقارنة بـ «دوبل سكور» النائب أكرم شهيب البالغ 14088، والذي كان الأعلى في اللائحة. مرشّحاه في الشوف بو درغم وحلاوي الأرجح ندما على المحاولة. الأول نال 106 أصوات، والثاني 495 صوتاً، مقارنة بتيمور جنبلاط (11478 صوتاً) ومروان حماده (7266 صوتاً). في حاصبيا لائحة شروف لم تصل الى الحاصل، وفي بعبدا نال سهيل الأعور 2257 صوتاً في مقابل 11844 صوتاً لمرشح حنبلاط هادي أبو الحسن.
لا يبدو أرسلان مهتمّاً بـ «دروس» الأرقام، ولا بواقع أنّ جنبلاط لا يزال الزعيمَ الأقوى في طائفته حاصِداً 7 من أصل 8 مقاعد، مع تسجيل تقدّم واضح للوزير السابق وئام وهاب منافِساً أرسلان على المرتبة الثانية عند الدروز. المفارقة لافتة. وهاب كاد يطيح بمروان حمادة مع ملامسته الحاصل الانتخابي بفارق نحو 240 صوتاً، ونيله 7340 صوتاً تفضيلياً، متفوّقاً على حمادة (7266 صوتاً)، فيما تقدّم أكرم شهيب على «المير» في الشويفات معقل الزعامة الأرسلانية بفارق 230 صوتاً تفضيليّاً و400 صوت فارق اللائحة!
مع ذلك، يصرّ أرسلان على التوزير عبر «كتيلة» مستعارة. المشهد في إستشارات التكليف كان معبّراً. يدخل نواب الـ Double face سيزار ابي خليل وماريو عون وفريد البستاني مع نواب تكتل «لبنان القوي» عند رئيس الجمهورية لتسمية الحريري، ثمّ يخرجوا ليدخلوا مجدداً مع أرسلان ضمن كتلة «ضمانة الجبل» لتسمية الحريري مرة أخرى!
كتلة «ضمانة مقعد أرسلان» تفضح المستور. سبق لأرسلان أن أعلن بأنّ أيَّ مرشح من المحسوبين عليه يفوز بالانتخابات سيكون جزءاً من تكتل «لبنان القوي» باستثنائه، حيث أعلن عدمَ حضور اجتماعات سن الفيل، والإكتفاء بلقاءات الضرورة مع رئيس «التكتل».
سقط مرشّحو أرسلان جميعهم فاستنجد، بموافقة باسيل وغطائه، بنواب الجبل العونيين، فقط كي يزارك جنبلاط على حصة الدروز الثلاثية في الحكومة، وكي يبقى «الصوتَ الصارخ» بوجه زعيم المختارة!
مفوّض الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي» رامي الريس يؤكّد أنّ «موقف اللقاء الديموقراطي واضح لناحية التمثيل الدرزي بعد حصده 7 من أصل 8 مقاعد درزية، والمقعد الثامن معروفة قصته للقاصي والداني»، معتبراً أنّ «المعايير السياسية والمنطقية والحسابية تحتّم أن تكون الحصةُ الدرزيّة بأكملها للقاء»، ومذكّرا بعنوان «الميثاقية الذي رفعته بعض الأطراف السياسية وعطّلت البلد في سبيله لمدة عامين ونصف».
وفيما حَمَل النائب وائل أبو فاعور أمس على الكتل «المفتعلة» و»المبتدَعة» تفيد المعطيات أنّ توزير طلال أرسلان من الاحتمالات المطروحة لكنه ليس شرطاً عونياً، كما أنّ منحه بالتحديد حقيبة الدفاع أمرٌ غير جدّي حتى الآن.
ثمّة مطالب لرئيس تكتل «لبنان القوي» وأخرى لأعضاء ضمن التكتل، تقول أوساط «التيار الوطني الحر» «أنه ستتمّ المواءمة بينها. وفي حالة أرسلان، قد تكون هناك مقايضة على مقعد مسيحي. وحتى لو حصلت هذه المقايضة فأين المشكلة؟ ومَن يصوّب على حيثية أرسلان عليه أن يتذكّر كم صوتاً مسيحياً حًصد هنري حلو مثلاً في عاليه»، لافتةً الى أنّ «كتلة ضمانة الجبل» هدفها الأول تمثُل أرسلان في طاولة الحوار في حال تمّت الدعوة اليها في القصر الجمهوري للنقاش في ملفات وطنية وأساسية».