في الوقت الذي كان فيه رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري يصف مشاركة "القوات اللبنانية" في الحكومة العتيدة التي شرع الحريري واقعيا المشاورات لتأليفها عشية الاستشارات النيابية التي سيجريها مع الكتل والنواب الاثنين المقبل بانها "قيمة مضافة"، منوها بتقدمها في الانتخابات النيابية الاخيرة كانت مؤشرات التعقيد المسبقة لعملية التأليف تسابق انطلاقة الاستشارات. ذلك ان خطين متناقضين طبعا المشهد السياسي والنيابي قبيل انطلاق الاستشارات والمشاورات الرسمية لتشكيل الحكومة واكبا الجولة التقليدية التي قام بها الرئيس الحريري على رؤساء الحكومة السابقين سليم الحص ونجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام.
إقرأ أيضا : خطاب القسم ضمانة الحكومة الجديدة
الخط الاول اتسم بمرونة وإيجابيات وعبرت عنه مواقف الرئيس الحريري الذي شدد مرات عدة على التوافق كمحور رئيسي للحكومة الجديدة بما يعني استمكال الصورة التوافقية للحكومة الحالية في ظل التسوية التي اوصلتها بعد انتخاب الرئيس ميشال عون. وعلى الخط نفسه بدا الموقف العلني الاول للامين العام لـ”حزب الله “ السيد حسن نصرالله من تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة الرئيس سعد الحريري إيجابيا اذ عبر عنه بإعلانه ان لا شروط مسبقة للحزب على الرئيس الحريري وان الحزب لن يطلب حقيبة سيادية هي من حق حركة امل. أما على الخط السلبي فان مؤشرات الاشتراطات المسبقة ومعارك التحجيم والأحجام بدأت تتخذ أشكالا مختلفة ولكن ابرزها يتصل بمضي الاوساط الدائرة في فلك “التيار الوطني الحر “ بالحديث عن توزيعات للحقائب الوزارية مسبقا وكأن التيار هو المعني الحصري بعملية تأليف الحكومة خصوصا لجهة توزيع الحقائب والحصص على النصف المسيحي من الحكومة. واذا كان تصريح رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع امس لـ”النهار “ الذي أبدى فيه ثقته بان الرئيس ميشال عون متمسك بتفاهم معراب بما أوحى بان جعجع يعول على رئيس الجمهورية في منع الافتئات على القوات وتمثيلها في الحكومة العتيدة فان ثمة ما اثار الشكوك مجددا امس لدى توزيع معطيات منسوبة الى اوساط التيار الوطني الحر تشدد على ان حصة القوات لن تتجاوز الثلاثة وزراء في حين أعطت هذه الاوساط التيار الوطني الحر الحق بالحصول على سبعة وزراء من دون حصة رئيس الجمهورية بما يعني ان ثمة اتجاها واضحا الى احتكار التيار والعهد الحصة المسيحية الاكبر في الحكومة ووضع الاخرين كما الرئيس المكلف نفسه امام امر واقع صعب ومحرج .
ولا يقف الامر عند ما سيشكل في قابل الايام العقدة المسيحية بل ان محاولة افتعال مشكلة في التوزير الدرزي اتخذت هي الاخرى بعدا ساخنا عقب اقتطاع اربعة نواب في منطقة الجبل من نواب التيار والنائب طلال ارسلان لحجز مقعد وزاري لارسلان في وقت تشدد الكتلة الجنبلاطية على حقها في الوزراء الثلاثة الدروز قياسا بنتائج الانتخابات. الى اين سيؤدي الخطان المتناقضان؟ من الاثنين تبدأ الإجابة تتبلور ولكن ثمة انتظارا غير طويل سيكون امام القوى السياسية والمراقبين لمعرفة بواطن لعبة الشروط وسواها من المؤشرات التي ترتبط بعملية تأليف الحكومة علما ان اللافت فيها هو استعجال الجميع تشكيلها بأسرع وقت .