صورة تم تداولها في مواقع التواصل الاجتماعي في أول من امس الخميس، لفتاة تدعى ليندا وهي ممدة على شرفة الجيران بعد وقوعها من سطح مبنى في منطقة البداوي في طرابلس، صدمت اللبنانيين نتيجة تكرار هذه الحوادث في الايام الاخيرة، ولا سيما أنه في اليوم نفسه سقطت فتاة تبلغ من العمر 18 سنة من مبنى سكني في منطقة الهلالية شرق صيدا، مما ادى الى اصابتها بكسور وجروح بليغة، كما أن دماء نورهان المقداد ابنة الخامسة عشرة التي سقطت هي الأخرى عن سطح مبنى في منطقة المريجة في الثامن من الشهر الجاري لم تجف بعد، كذلك حال السيدة الخمسينية أسمهان فرج التي لاقت المصير ذاته في منطقة الشياح في السادس عشر من هذا الشهر.
انفصال "قاتل"
وراء كل واحدة ممن سقطن قصة محزنة، وقصة ليندا ابنة السبعة عشرة عاماً التي فارقت الحياة أول من أمس الخميس ليست فقط محزنة ومؤثرة، بل تطرح علامات تعجب عدة، لا سيما بعدما ظهر في التحقيقات التي فتحتها فصيلة البداوي بحسب ما قاله مصدر في قوى الامن الداخلي لـ"النهار"، انه "يرجح اقدامها على الانتحار بسبب ترك خطيبها لها قبل يوم من اقدامها على هذه الخطوة". وشرح "ليندا فتاة لبنانية من الشمال، ارتبطت باحمد الذي يحمل الجنسية السورية، حصل خلاف بينهما دفع الاخير الى الانسحاب من علاقتهما، ومع ذلك بحسب افادة والدها لم يكن يظهر عليها اية علامات تدل على امكان اتخاذها هذه الخطوة، فقد كانت هادئة بعد الاشكال مع خطيبها".
الصعود الاخير
"عند نحو الساعة الحادية عشرة من صباح الخميس طلبت والدة ليندا منها الصعود الى سطح المبنى في مجمع حربا حيث تسكن للكشف على خزان الماء، وهو أمر يتكرر بشكل شبه يومي" قال المصدر الامني، مضيفاً "لم يخطر ببال والدتها بحسب ما قالته ان تكون ابنتها قد قررت الاقدام على هذه الخطوة، لتصدم بوقوعها عن السطح ومفارقتها الحياة على الفور، حينها كانت الام وحدها في المنزل، ووالد ليندا وشقيقها وشقيقتها خارجه، مع العلم ان تقرير الطبيب الشرعي اكد أنه لا يوجد كدمات على جسد الفتاة تدل على امكانية قيام احد برميها، ولم يرفع والدها دعوى ضد احد". خطيب ليندا رفض في اتصال مع " النهار" التعليق على ما حصل، ويبقى السؤال اي افق مسدود يدفع بالانسان الى انهاء حياته؟
تعددت الاسباب والكارثة واحدة
الانتحار كما عرفته اختصاصية علم النفس هيفاء السيد لـ"النهار"، "هو اقدام الانسان بشكل متعمد ومخطط لانهاء حياته نتيجة عدم رضاه عنها، حيث يسبق اقدامه على هذه الخطوة تشوش افكاره والم غير محتمل مقترن بسيكولوجية غير مشبعة ولا تجد سبيلاً لاشباعها، من هنا تسيطر الرغبة في قتل الذات للهروب الى عالم اخر يعتقده انه افضل واكثر جاذبية من حياة تعسة".
تعددت العوامل التي تدفع بالانسان الى الاقدام على الانتحار بحسب السيد، لكن اهمها "الانطواء، عدم القدرة على التعبير عن المشاعر نتيجة غياب الدور الاسري وتحقيق اشباع الحاجات النفسية التي هي ضرورية لكل فرد منا، اضافة الى غياب الدعم الاجتماعي، والمرور بفترة المراهقة التي تعتبر من الفترات الحرجة لما يمر به الفرد من تغيرات جسدية وعقلية مع انعدام التوازن النسبي للامور والاستقرار العاطفي والنظرة الموضوعية للاشياء والتوافق مع المحيط، كما قد قد تقف البطالة والاوضاع الاقتصادية المتدهورة والادمان على المخدرات وراء انتحار البعض" .
علاقة الاخفاقات العاطفية بالانتحار
وفي ما يتعلق بالرابط بين الانتحار والاخفاقات العاطفية شرحت السيد "في هذه الحالة يرى الفرد نفسه بعد تعرضه لصدمة عاطفية ميتاً نفسياً، وبدلا من ان يوجه عدوانيته تجاه الاخر، يردّها إلى ذاته، فقد تكون حالة من الانتقام اللاوعي ليزيده حسرة والما، او قد يكون نتيجة شخصية طفولية غير ناضجة عاطفيا ولديها درجة من النرجسية والاعتماد، مع العلم ان الشخصية الاعتمادية تواجه صعوبة في النجاح في مختلف نواحي الحياة، حيث تتراكم اخفاقاتها الواحدة تلو الاخرى مما يسبب انعدام تقدير الذات وانسداد الافق لايجاد الحلول المناسبة للازمات، فتغلب عليه افكار سلبية بان الحياة لا معنى لها ويدخل الفرد في حالة من الكآبة تسيطر على تفكيره، تدفعه في النهاية الى الغاء حياته".