يقول مرجع دستوري "في ظل اشتداد التأثير الطائفي والمذهبي على المواطنين، يلجأ اللبنانيون باستمرار لتأليف حكومات توافقية، ضاربين بعرض الحائط مبادئ الديمقراطية التي توجب أن تحكم الأكثرية وتعارض الأقلية على غرار كل الدول المتقدمة لترسيخ مبدأ المراقبة والمحاسبة في مؤسسات الدولة".
أيام تفصلنا عن تأليف حكومة هي حتى الساعة تشكّل على مبدأ توافقي قوامه تسوياتٌ بين أحزاب السلطة بين قويّ وأقوى. أما المعارضة، والمتمثلة اليوم بالنائب عن المجتمع المدني بولا يعقوبيان وحزب الكتائب اللبنانية الذي أعلن رئيسه النائب سامي جميل عدم المشاركة في الحكومة التزاماً منه بنهج المعارضة ضد الطبقة السياسية القائمة، فستكون خارج مجلس الوزراء.
ويهمس وزيرٌ في أذن زميله "هل سيتجه حزب القوات اللبنانية لصفوف المعارضة إذا ما كانت مشاورات التأليف غير متصالحة مع الحجم النيابي الجديد له؟"، ليرد الزميل "كلّ شيء وارد".
حمل "ليبانون ديبايت" هذه الأسئلة وتوجه بها للقوات، بغية رسم مشهد معارض يعوَّل عليه في المستقبل القريب. وفي هذا الإطار، يؤكد رئيس جهاز الإعلام والتواصل في "القوات اللبنانية" شارل جبور لـ"ليبانون ديبايت" ألا أحد يستطيع أن يحدد أين سيكون حزب القوات سوى القوات، ولن يسمح لأي طرف بتحديد ماهية حجمه أو ما هو دوره، بل هو من يحدده.
وعن اختيار صفوف المعارضة، يقول جبور "القوات أساسا موجود دائما لجانب المعارضة حتى وإن كان في الحكومة، لأن وزراءه لن يكونوا يوماً شهود زور على الصفقات والسمسرات التي تحصل، بل يمارسون دورهم كما يفترض أن يمارسوه انطلاقا من التزامهم بالقوانين المرعية وبالدستور".
ويرفض فكرة إلغاء القوات في الحكومة لأن الانتخابات النيابية أفرزت بشكل واضح ثنائية مسيحية تنافسية وأي حكومة مستقبلية يجب أن ترتكز على هاتين القوتين مع الأخذ بعين الاعتبار باقي القوى الموجودة.
يتحدث وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل عن الميثاقية و"لا ميثاقية من دون توزير القوات"، بحسب جبور، "بل احادية واستبعاد جزء كبير من المسيحيين عن طاولة مجلس الوزراء وعودة إلى زمن الإبعاد والنظام السوري في لبنان، فالمطروح هو قاعدة التساوي بين القوات والتيار الوطني الحر".
ويبدو واضحاً أن "الالتفاف الشعبي حول القوات أزعج باسيل الذي يحاول جاهدا إخراج القوات اللبنانية من المؤسسات الدستورية، الأمر الذي لن يستطيع تحقيقه لأن الامور يجب ان تكون بالتعاون البنّاء على قاعدة الشراكة والمساواة، فلا يمكن بناء الأوطان على قاعدة الاستبعاد والإلغاء والتهميش"، وفقاً لجبور.
ولا يستبعد جبور استكمال محاولات الإلغاء للقوات في الحكومة، ويؤكد أن الحزب سيواجه هذه الممارسات، ويتوقع أنها لن تصل إلى مبتغاها، "لأن ما حصل في انتخابات هيئة المجلس النيابي لا يمكن أن يتكرر، لأن للحكومة طابع آخر. فهناك توقيع رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري الذي لا يمكن أن تتألف الحكومة من دون توقيعه، "ونحن والرئيس الحريري في تحالف ذي طبيعة سيادية. وهو سيكون متمسك بالتحالف مع القوات أكثر لا سيما بعد كلام بعض الموتورين عن وهم العودة لما قبل 14 آذار، لأنه لا يستطيع وحده أن يواجه على الطاولة زمرة 8 آذار. وبالتالي لن يسمح هو والدكتور سمير جعجع اللذين يجمعهما مركب سيادي واحد، أن يحصل ما حصل في انتخابات هيئة المجلس".
وفي النتيجة سنكون أمام معارضة مؤلفة من معارضة موجودة في الحكومة هي القوات اللبنانية، ومعارضة خارج الحكومة متمثلة بالكتائب والمجتمع المدني. ويؤكد مرجع مدني أنه سيكون في المجلس النيابي نواب معارضين أيضاً، سيتم التحالف معهم "على القطعة" في ملفات معينة تشريعية أو رقابية تنقل وجهة نظر المجتمع المدني.
ومنهم كما يكشف المرجع المدني لـ"ليبانون ديبايت" النائب نعمة افرام في تكتل "لبنان القوي"، النائب ديما جمالي في كتلة "المستقبل"، وجورج عقيص في تكتل "الجمهورية القوية"، وغيرهم ممن ستبين الأيام المقبلة نواياهم المعارضة خلال الأداء التشريعي والرقابي.