إنتهت الإستشارات النيابية لتكليف رئيس لتشكيل الحكومة بالأمس بحصول الرئيس سعد الحريري على ١١١ صوتاً ما يخوّله البدء بالمشاورات لتشكيل حكومته الثالثة .
وبدأ الحديث في البلد كالعادة في هكذا إستحقاقات عن توزيع الحقائب والوزارات السيادية والحصص لكل تكتل ، والتي ستعكس بطبيعة الحال التوازنات الجديدة التي نتجت عن الإنتخابات النيابية .
لكن مستجد طرأ هذه المرة على الإستحقاق الحكومي وجعل الجميع يراجع حساباتهم وفي طليعتهم " حزب الله " ، هو رزمة العقوبات والتصنيفات الأميركية والخليجية التي فُرضت على قيادات صف أول في الحزب ، ما جعل الأخير يتشدّد أكثر في مطالبه لتحصين وضعه الداخلي أكثر عبر حصص وزارية بعد أن ضمن مجلس النواب .
وفي هذا الإطار ، سيكون هناك إشكال كبير بين الطوائف على الوزارات السيادية والأساسية ، حتى داخل الطائفة الواحدة هناك مشاكل بين أحزابها ، كالمشكل بين النائب السابق وليد جنبلاط والنائب طلال أرسلان .
أمّا على الساحة الشيعية ، فقد جرت العادة سابقاً على إعطاء " حركة أمل " الوزارات السيادية والأساسية في الحكومة ، فيما " حزب الله " كان يحصل على وزارات من دون ثقل خدماتي على الأرض بل هي وزارات رمزية ، تبعاً لإتفاق بين الطرفين .
إقرأ أيضا : الحزب يمدّ يده على جيب بري
لكن هذه المرّة ، ألمحت أجواء الحزب على إتجاه لديه لأخذ وزارات أساسية في الحكومة ، وأن الوزارات الوهمية والثانوية ولّى زمنها ، وقد أكّد هذه المعطيات الرئيس نبيه بري نفسه عندما قال أن " من حق الحزب الحصول على وزارات في الحكومة القادمة كمّاً و نوعاً ".
بموازاة ذلك ، لا بدّ من تسليط الضوء على كيفية الوصول إلى صيغة تُرضي الطرفين ، فالحركة أصل وجودها السياسي في البلد قائم على أساس الوزارات الأساسية ، وإذا ما أراد الحزب الحصول على هكذا وزارات فإنّه سيأخذ من صحنها ، أي من ضمن الملعب الشيعي .
بالمقابل ، هناك من يعتقد أن تلجأ الطبقة السياسية إلى حيلة إختراع وزارات جديدة أو تقسيم الوزارة الواحدة إلى وزارتين بسبب الكتل السياسية الكثيرة الموجودة في البلد ، خصوصا أن العدد الكبير من المصوّتين للحريري في الإستشارات سيكون عبء عليه كونه سيعمل على إرضاء هؤلاء ، ومن الصعب جمعهم في حكومة واحدة من دون هكذا حيل ، وأيضاً فإن معيار تشكيل الحكومة بحسب بري هي الكتل لا التكتلات، ما يزيد من عدد المطالبين بوزارات.
إقرأ أيضا : بانوراما لبنان الجديد : الحريري رئيسا مكلفا ب 111 صوتا
ومن أبرز الوزارات المحتمل إنشائها ، هي وزارة التخطيط ، وهي مطلب لطالما رفعته " حركة أمل " في السابق وتبنّاه الحزب .
وهذه الوزارة لو أُنشئت ستكون من أبرز وأهم الوزارات ، وهي بمثابة أمّ الوزارات بل الوزارة الإستراتيجية في الحكومة ، لأنّها ستقدّم خطط ودراسات لتنظيم عمل الوزارات ومؤسسات الدولة بشكل عام .
وقد ألمح السيد " حسن نصر الله " في إحدى خطبه الإنتخابية إلى ضرورة أن تستفيد الدولة من مراكز الأبحاث والدراسات من أجل تحسين إدارة الدولة .
لذلك ، تبدو المعطيات الأولية تسير في إتجاه أن يحصل الحزب على وزارة التخطيط في الحكومة المقبلة في حال تم الإتفاق على إنشائها .
لكن يبقى أن تصنيف هذه الوزارة بين وزارة سيادية أو أساسية رهن الأيام والعمل المتراكم داخلها في المستقبل المتوسط والبعيد .