أعاد البرلمان اللبناني أمس انتخاب الرئيس نبيه بري رئيساً له لولاية سادسة، منذ العام 1992، بحصوله على 98 صوتاً من أصل 128 نائباً هم أعضاء المجلس والذين حضروا جميعاً، مقابل 29 ورقة بيضاء، وواحدة ملغاة حملت اسم المخرجة نادين لبكي وضعتها النائب المنتخبة بولا يعقوبيان. وفي كلمته إلى المجلس بعيد انتخابه، شكر بري، رئيس السن ميشال المر، ووجه الشكر الجزيل «6 مرات للزملاء النواب على ثقتهم بتجديد انتخابي لمسؤولية رئاسة المجلس». وشدد على أن من أهم الأمور التي سيعمل عليها المجلس هي «حماية الدستور ومقدمته التي تتضمن صيغة العيش المشترك ورفض تمرير أي مشروع يتعلق بالتوطين»، وأشار إلى أن البرلمان سيشكل «حصناً للدفاع عن الحدود البرية والبحرية والجوية للبنان من الاعتداءات الإسرائيلية».
وكانت انطلقت قرابة الثانية عشرة وعشر دقائق الجلسة الأولى لمجلس النواب الجديد، بعد اعتلاء رئيس السن النائب ميشال المر منصة الرئاسة حيث استوى إلى جانبه النائبان الأصغر سناً طوني فرنجية وسامي فتفت، معلناً افتتاح جلسة الانتخاب، في حضور رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري والوزراء، إضافة إلى الرئيسين أمين الجميل وميشال سليمان والرئيس فؤاد السنيورة وسفراء وأعضاء السلك الديبلوماسي العربي والأجنبي في لبنان، ورؤساء وأعضاء الهيئات والمنظمات الدولية والإنسانية وقيادة قوات «يونيفيل» في الجنوب ورؤساء النقابات المهنية، وأعضاء السلك القضائي وكبار القادة العسكريين والأمنيين والأمين العام للاتحاد البرلماني العربي فايز الشوابكة وعائلة الرئيس بري، وحشد من الإعلاميين والموظفين والصحافيين المعتمدين في المجلس.
وبعد تلاوة المادة 44 من الدستور اللبناني، توجّه المر إلى النواب المنتخبين بالتهنئة، آملاً أن تشكّل هذه الجلسة «انطلاقة لمرحلة جديدة تكون مليئة بالخير والأمن والسلام لبلدنا العزيز وجميع أبنائه». ونوّه بحكمة الرئيس نبيه بري ووطنيته في ترؤس الجلسات والمجالس منذ عام 1992، وقال: «هو يحمل الميزان ولا يسمح للأخطار بأن تهدد لبنان. وهو حتى اليوم حريص على وحدة لبنان وعيشه المشترك مانعاً كل أسباب الفتنة بين اللبنانيين، وعلينا أن نعمل على إنقاذ لبنان من أزماته ونحقق للبنانيين ما يصبون إليه من حياة كريمة وأمن وسلام وازدهار».
ثم أعلن البدء بانتخاب رئيس مجلس النواب عبر صندوقة الاقتراع التي وضعت في منتصف القاعة. وبدأت العملية الانتخابية بالمناداة بالأسماء وفق التسلسل الأبجدي، بعد توزيع الأغلفة والأوراق على النواب. وبعد فرز الأصوات الذي تولاه الأمين العام للمجلس عدنان ضاهر بمعاونة النائبين فرنجية وفتفت، وبعض موظفي المجلس، وإعلان أن بري حاز 98 صوتاً وأن عدد الأوراق البيض 30 ليصبح المجموع 128، اعترضت النائب بولا يعقوبيان وأعلنت أنها انتخبت اسم نادين لبكي ولم تضع ورقة بيضاء، وكان الرد بأنه الغي. أجابت: «هلق قررت ذلك، أنا انتخبت لبكي وأنت قررت أن تقرأها ورقة بيضاء، أو لبكي قرأتها بري، لا أعرف». وهنا علق النائب نواف الموسوي قائلاً: «بلا لبكي، بلا هاللبكي بلاها».
ثم توجهت إلى المشرفين على الفرز وقالت: «انتخاب نائب منتخب منعملو ورقة بيضاء، أنت ما شفت الاسم؟» ولما جاء الرد: «ما انتبهت». سألت: «بالقانون مسموح اللي صار؟». وتوجه النائب غازي زعيتر إلى يعقوبيان: «بدك تتعلمي شوي، بعدين بدك تاخذي وقتك شوي». وأجابته: «ما تدافع من منطلق المدافعة، بالقانون أنت كحقوقي مش كحركة أمل، هل هذا مسموح بالقانون لماذا تقرأ وتلغى ولم يعلن عن الاسم؟». ما دفع المشرفين على عملية الانتخاب إلى إعادة اعتبار ورقة يعقوبيان ملغاة. وكانت يعقوبيان أعلنت قبل دخولها الجلسة: «سأمتنع عن التصويت لأن هذا ليس انتخاباً إنما مبايعة».
وعند الانتهاء وإعلان الرئيس بري رئيساً للمجلس، صعد إلى منصة الرئاسة وسط تصفيق حاد وقال: «قبل إلقاء كلمتي أود أن أجيب الزميلة النائب يعقوبيان، معها حق، صحيح الورقة ملغاة، لأن لا يوجد نائب اسمه لبكي، في لبكي غير شكل».
ثم أعلن بري عن بدء عملية انتخاب نائب الرئيس الذي تنافس عليه النائبان إيلي الفرزلي (مرشح تكتل لبنان القوي) وأنيس نصار (مرشح الجمهورية القوية- القوات اللبنانية) وشارك فيها 127 نائباً، لغياب النائب نهاد المشنوق الذي تبين أنه غادر المجلس. وبعد العملية نال الفرزلي 80 صوتاً مقابل 32 صوتاً لنصار و4 أصوات للنائب نقولا نحاس، وهو لم يعلن ترشحه، ووجدت ورقة باسم يعقوبيان، وأخرى باسم شارل مالك ونادين لبكي اعتبرتا ملغاتين. كما وجدت في الصندوق ثماني أوراق بيضاء. وأعلن بري فوز الفرزلي لمنصب نائب الرئيس. وذلك بعد غياب منذ العام 2005.
هيئة مكتب المجلس
ثم جرى انتخاب أميني السر، فترشح ثلاثة نواب هم: ألان عون، مروان حماده وأسطفان الدويهي. وبنتيجة التصويت الذي شارك فيه 127 نائباً أيضاً، فاز كل من عون بـ84 صوتاً وحمادة بـ76 صوتاً، بينما حصل الدويهي على 42 صوتاً.
وعلق حمادة قائلاً: «نشكر المجلس الذي احترم الميثاقية على رغم ألاعيب البعض». ورد ألان عون بالقول: «يلي بيتو من زجاج ما يراشق الناس بحجارة».
وجرى بعد ذلك انتخاب المفوضين الثلاثة النواب: سمير الجسر، ميشال موسى وأغوب بقرادونيان بالإجماع (بالتزكية).
وبعد تلاوة ملخص محضر الجلسة وتصديقه، رفع بري الجلسة ثم تلقى التهاني وأعضاء هيئة المكتب في مكتبه، من النواب والحشد الذين حضروا الجلسة.
وانتقل بري إلى القصر الجمهوري، والتقى الرئيس ميشال عون، وأقيمت مراسم الاستقبال التقليدية. وتم استعراض ثلة من حرس الشرف ودخل بين صفين من الرماحة وكان عون في استقباله عند باب المكتب الرئاسي. وبعد المصافحة عقد الاجتماع الثنائي. ثم انضم إلى الاجتماع الفرزلي وأعضاء هيئة مكتب المجلس النيابي، وبعد أخذ الصورة التذكارية غادر بري إلى مقر الرئاسة الثانية حيث أُقيمت الاحتفالات ابتهاجاً بفوزه. ولدى وصوله حمل على الأكتاف وسط المفرقعات وزغاريد النسوة ونثر الورود والرز، وصدحت الأغاني التي أعدت للمناسبة.