فما أبرز المعطيات التي توفرت للقيادات الإسلامية حول أبعاد التصعيد الأمريكي؟ وما هي الخيارات والتوقعات المستقبلية حول المواجهة الأمريكية - الإيرانية في المنطقة؟ وأين تقف القوى الإسلامية من هذه التطورات؟
يمكن تلخيص أبرز ما ورد في هذه اللقاءات حول التصعيد الأمريكي بما يلي:
أولا: أن الاستراتيجية الأمريكية الجديدة ضد إيران، سواء من خلال الخروج من الاتفاق النووي أو المطالب والتهديدات التي أعلنها وزير الخارجية مايك بومبيو، تهدف لمحاصرة الدور الإقليمي الإيراني في كل المنطقة، وإخراج إيران من سوريا والعراق واليمن، وقطع التواصل بين إيران وحلفائها وقوى المقاومة، ومنع إيران من تطوير الصواريخ الباليستية، وعدم العودة نهائيا للتخصيب النووي.
ثانيا: أن هذا التصعيد يتزامن مع استمرار التحضير لإعلان صفقة القرن حول القضية الفلسطينية، وهذا يهدف لتمرير الصفقة دون أية مقاومة من إيران وقوى المقاومة، ومن خلال إشغال العالم العربي بالصراع مع إيران، ولإرضاء بعض دول الخليج المستاء من تزايد الدور الإيراني في المنطقة، وبذلك يكون هذا التصعيد ثمنا لتمرير الصفقة والحصول على دعم بعض دول الخليج لها.
ثالثا: أن هناك علامات استفهام كثيرة حول الدور الأوروبي والدور الروسي في مواجهة التصعيد الأمريكي، وهل ستنجح الدول الأوروبية وروسيا والصين في استيعاب هذا التصعيد ومتابعة التعاون مع إيران، أم أن هذه الدول قد تلجأ للضغط على إيران للقبول باتفاقات وتسويات جديدة من أجل التخفيف من التصعيد الأمريكي. والانسحاب الإيراني من سوريا قد يكون المطلب الأول في هذه الاتفاقات.
رابعا: أن الموقف الإيراني المبدئي هو مواجهة التصعيد الأمريكي ورفض الخضوع للشروط والتهديدات الأمريكية، وهذا ما برز في المواقف التي اطلقها المسؤولون الإيرانيون ردا على المواقف الأمريكية، لكن ما مدى قدرة إيران على مواجهة هذا التصعيد وهل ستستطيع الصمود في هذه المواجهة الجديدة بعد أن صمدت لأكثر من 39 عاما في مواجهة المخططات الأمريكية، منذ اندلاع الثورة الإسلامية وحتى اليوم.
خامسا: أن هذا التصعيد الأمريكي يتطلب من القوى الإسلامية، سواء كانت حليفة لإيران أو معترضة على سياساتها في بعض دول المنطقة، أن تعيد النظر بمواقفها، وأن تبحث عن خيارات جديدة من أجل مواجهة المرحلة المقبلة، وأن تعزيز التعاون التركي - الإيراني وإعادة تفعيل العلاقات بين كل القوى الإسلامية؛ قد يكون الرد العملي والسريع في مواجهة الاستهداف الأمريكي، والذي سيطال جميع دول المنطقة الرافضة للسياسات الأمريكية.
وعلى ضوء هذه المعطيات تتوقع القيادات الإسلامية في بيروت اشتداد المواجهة والتصعيد في المرحلة المقبلة، سواء من أمريكا أو إسرائيل أو بعض دول الخليج ضد إيران وحزب الله، وإن التصعيد سيشمل المجالات العسكرية والمالية والسياسية والإعلامية، وإن الغارات الإسرائيلية على مواقع إيران وحزب الله في سوريا قد تستمر، مما سيفرض ردود فعل من قبل محور المقاومة، وهذا التصعيد سيضع المنطقة كلها على شفا المواجهة الشاملة، رغم حرص جميع الأطراف على عدم الانزلاق إلى الحرب الشاملة.
وتكشف القيادات الإسلامية في بيروت عن وجود حالة استنفار مستمرة لدى قوى محور المقاومة لمواجهة كل الاحتمالات، وأنه إذا لم تنجح الجهود الروسية والأوروبية لاستيعاب التصعيد الأمريكي، فكل الخيارات مفتوحة.