حكومة من 24 وزيراً، أو من 30، أو32... البورصة ترتفع مع ارتفاع حدة الصراع عشية تأليف كل حكومة. وإذا نظرنا إلى الوزارات الأساسية التقليدية نرى أن عددها 21 حقيبة، يُضاف إليها حقائب وزارات الدولة المتعارف عليها الثلاث (شؤون التنمية الإدارية، شؤون رئاسة الجمهورية، وشؤون رئاسة مجلس الوزراء) ليرتفع العدد إلى 24 وزيراً. أما باقي الوزرات تحت مسمى وزير الدولة جاءت كحقائب ترضية لسد نهم الكتل المتنافسة، وكرقمٍ صعب يُستعمل في حال اشتدّت رياح التصويت على قرارٍ ما داخل الحكومة.
حاول "ليبانون ديبايت" التجول داخل موقع رئاسة مجلس الوزراء الرسمي بحثاً عن نظام داخلي يفسر الغاية من ابتداع مصطلح ما يسمى بوزير الدولة، وقانون يحدد عدد الوزارات وأنواعها، فلم يجد. ما اضطرنا أن نلجأ لأهل الاختصاص علّهم يفسرون لنا عدد وزارات حيّر المواطن وأثقل كاهل الدولة بأتعاب مالية إضافية.
لن يُقرّ النظام الداخلي لمجلس الوزراء "بسبب وجود خلاف دائم على هذا النظام، وبسبب تسيير شؤون الدولة وفقاً لنظام الديمقراطية التوافقية وتبوّؤ الطوائف الثلاث الكبرى المراكز الأساسية، وفي الوقت نفسه جدلها وصراعها الأساسي بسبب هذه الأمور"، بحسب الخبير الدستوري المحامي ماجد فياض، الذي يؤكد لـ"ليبانون ديبايت" أنه لو كان هناك نظام داخلي لمجلس الوزراء لكان الصراع الذي نراه عشية تأليف كل حكومة أقل وهجاً وأخف شراسةً.
ما يجعل من عدد الوزارات وأسمائها عرضة لهذا الصراع، الأمر الذي خلق ما يسمى بوزراء الدولة. وفي صلاحيات هذا الوزير، يقول فياض "بغض النظر عن أهمية الوزارة التي يتولاها وعما إذا كان لها الميزانية والإمكانات اللازمة للتحرك، وزير الدولة هو مثل بقية الوزراء. يشترك معهم بالراتب نفسه، ولا يختلف عنهم بشيء في الصلاحيات سواء كانت متعلقة بصلاحيات الوزير في وزارته، وفق ما تنص المادة 66 التي تجعله الرئيس لوزارته وتسيير شؤونها، كما أنه داخل مجلس الوزراء يمثل رأيه وصوته رأيا كسائر الوزراء عند اتخاذ القرارات. وهو بالتالي وزير كامل الصلاحية وفقا لما تقتضيه المادة 65 من الدستور لا سيما عندما يكون التصويت بشأن قرارات تقتضي أكثرية الثلثيَن".
وعلى الرغم من ذلك، تنظر الكتل النيابية تجاه وزارة الدولة كحقيبة استرضائية دون المستوى، لأن فجع السلطة يدغدغ نرجسية القوى المتنافسة ما يجعلها راغبة في تسلم مقاليد الوزرات الأساسية التي تمتلك ميزانيات واسعة وتتعاطى بشؤون الناس أكثر ولديها نفوذ أكبر، وزاهدة بغيرها من الحقائب. "حتى أمسى من حق الطوائف أن تتنازع بشأن الوزارات وتتمسك بوزارة من دون أخرى لتشترك في لعبة السلطة من موقع قوة في ظل بدعة الديمقراطية التوافقية".
لا ينكر الخبير الدستوري أن في طريقة تأليف الوزارات اليوم يمكن أن يكون وزير الدولة في صورة ترضية لائتلاف الأحزاب والكتل لتمثيلها في الحكومة في ظل عدم تطبيق مبادئ الديمقراطية التي توجب أن تحكم الأكثرية وتعارض الأقلية.
وذهب المحامي حسن بزي بعيداً في هذا الموضوع، ويؤكد في حديثه لـ"ليبانون ديبايت" على أن الدستور اللبناني نص على حكومة مؤلفة من رئيس ووزراء ولم يحدد عدد ونوع الوزارات، بينما تأليف كل حكومة هو رهن مرسوم يصدر حصراً عن رئيسَي الجمهورية والحكومة يحدد عدد ونوع الوزارات.
ما خلق بدعة وزير الدولة المستوحاة من بعض الدول الأوروبية، إلا أنه في الممارسة يختلف لبنان عن هذه الدول لأنه لم يخلق حقيبة وزير الدولة لتسيير شؤون مستعصية بل "كتنفيعة سياسية وكرقم يتم استعماله في التصويت داخل الحكومة، ولإيجاد وظائف وهمية من خلال مستشارين ومخصصات إرضاء لبعض المكاسب، ما يشكل عبئاً إضافياً على المالية العامة".