الإفطارات الرمضانية التي تُنظّم عادة في لبنان لا تكون من فراغ عادة ، بل تحمل في طيّاتها رسائل سياسية لمن يعنيهم الأمر حسب الظرف السياسي الذي يمرّ به البلد .
ولا يخرج الإفطار الذي نظّمه القائم بالأعمال سفارة المملكة العربية السعودية في لبنان الوزير المفوّض وليد البخاري عن هذه القاعدة ، فالإحتفال الذي حضره مستشار الديوان الملكي السعودي نزار العلولا وأُقيم في دارة السفير السعودي في اليرزة ، أراد توجيه رسائل سياسية ل " حزب الله " بالمقام الأول .
حضر هذا الإفطار أبرز مكوّنات ما كان يُعرف بقوى " ١٤ آذار " ، كالرئيس سعد الحريري ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس حزب الكتائب سامي الجميل ، وغاب عنه رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب وليد جنبلاط .
وإن حرص البخاري على تطعيم اللقاء بالوزير علي حسن خليل المحسوب على قوى " ٨ آذار " إلاّ أن السمة الطاغية على اللقاء كانت تميل لتثبيت قواعد " ١٤ آذار ".
هذا اللقاء ترافق مع تغريدة للصحافي في جريدة " الجزيرة " السعودية محمد يحيى القحطاني قال فيها :" قريبا لبنان في عين العاصفة " وأثارت جدلاً كبيراً على تويتر .
لكن كثر تساءلوا عن الغاية الأساسية من إفطار اليرزة ، وهل هو إستكمال لجهود السعودية في التخفيف من وطأة المشاكل بين مكوّنات " ١٤ آذار " وإعادة جمعهم ، في ظل موجة عقوبات يتعرّض لها الحزب ، وبعد النتائج المفاجئة التي حققّها في الإنتخابات !
إقرأ أيضا : بانوراما لبنان الجديد : إفطار السفارة السعودية يجمع شتات قوى 14 آذار
وعن الغاية ، يُجمع الكل أن الهدف الأساسي هو إعادة إحياء صيغة سياسية شبيهة بتحالف " ١٤ آذار " من أجل إمتصاص تداعيات زلزال الإنتخابات .
ما يعني أن خارطة تفاهمات جديدة ستُرسم في المرحلة المقبلة ، ترافقت مع ورشة إصلاحية يقوم بها الرئيس سعد الحريري لإستبعاد كل الأسماء المغضوب عليها سعودياً داخل تيار المستقبل ، للإستعداد للإستحقاقات القادمة .
وسبق هذا الإفطار ، لقاء جمع بين الحريري وجعجع ، تم الإتفاق فيه على نقاط أولية لإعادة ضخّ الدم في العلاقة السياسية بينهما .
لكن هناك صعاب أمام محاولات السعودية في تحقيق غايتها ، وهي وضع الكتائب اللبنانية وسوء علاقتها مع تيار المستقبل ، وتموضع النائب وليد جنبلاط وخلافه الحالي مع المملكة ، وهو يوماً بعد يوم يبعث برسائل سياسية توحي بالتقارب أكثر مع الرئيس نبيه بري ، ما يعني أن جنبلاط يريد أن يبقى في الوسط بالحدّ الأدنى في هذه الفترة .
ومن الصعب على قوى " ١٤ آذار " أن تعود محرّكاتها للعمل دون جنبلاط ، ما يعني أن جهود السعودية لن تكون سهلة في هذه المرحلة ، وهي ستعمل فقط على التخفيف من التشنجات بين هذه القوى .
ولكسب جنبلاط ، على السعودية أن تُعيد فتح أبوابها أمامه ، وهذا ما ألمح إليه النائب وائل أبو فاعور .
فهل ينجح ذلك ؟
تحقيق خرق في هذا الموضوع ، يعني أن السعودية قادمة على خوض نزال جديد مع الحزب في لبنان ، غير معروف النتائج حتى الآن، يُقابلها الحزب برفع شروطه في الحكومة الجديدة عبر مطالبته بوزارات أساسية لا وزارات دولة فقط.
والواضح ، أن المرحلة المقبلة هي مرحلة تعقيدات على كافة المستويات .