أثارت قصة المتسولة فاطمة محمد عثمان من ذوي الحاجات الخاصة ضجة واسعة في المجتمع اللبناني ومواقع التواصل الاجتماعي. شكلّت حياتها المعدومة واليائسة والثروة التي خلفتها وراءها دهشة واستغراباً عند كثيرين، ماتت فقيرة بالرغم من ثروتها، فما هي الأسباب النفسية التي تدفع شخصاً للجوء الى التسول ورفض الخروج من هذه الدوامة؟
توفيت فاطمة بالأمس في منطقة الأوزاعي - البسطة، هي من بلدة عين الذهب –عكار، وكانت تعاني إعاقة جسدية، وتحمل بطاقة معوق. هذا التناقض في حياتها طرح أكثر من سؤال، فكيف يقرأ علم النفس دوافع فاطمة في التسول بالرغم من ثروتها الكبيرة؟
يشرح الاختصاصي في علم النفس العيادي الدكتور نبيل خوري في اتصال مع "النهار" أن "التسول مرض نفسي يقوم على مبدأ لذة التسول ورغبة استمالة العاطفة والمساعدات. هذه اللذة في الحصول على مبالغ مادية دون قيام بمجهود جسدي".
برأي خوري أن "عادة التسول عند فاطمة كانت نتيجة نقمتها على المجتمع من خلال استغلال المجتمع واجبارهم على الاعتناء بها بطريقة غير مباشرة ونقمة على حالها الذي حتمّ عليها عدم الشعور بعقدة الذنب مما تقوم به حتى غرقت بهذه العادة".
الهروب والانتقام
على الأرجح أن "فاطمة شعرت برفض عائلتها لها وعدم الشعور بها ما دفعها الى الهروب منها" وفق تحليل خوري، مضيفاً "ولقد عبّرت عن هذا الرفض بالاستقلالية التامة عن افراد عائلتها واللجوء الى التسول. لم يهتم احد بها فترجمت هذا الغضب والشعور بالتسول رغبة منها بتحقير اسم عائلتها والانتقام منها نفسياً".
كذلك يشدد الاختصاصي في علم النفس العيادي "على عدم معرفتنا ماضي فاطمة وما عاشته في طفولتها والآثار النفسية المترتبة عليها. هذه التفاصيل من شأنها توضيح الصورة أكثر وتفسير شخصيتها المرضية والدوافع النفسية التي جعلتها تدور في دوامة التسول مطولاً". لكن قصتها تطرح أكثر من فرضية عن اسباب التسول ومنها احتمال وجود اعاقة فكرية او ضعف في القدرات الإدراكية والتحليلية جعلتها غير قادرة على معرفة ادارة اموالها وكيفية صرفها. نحن امام نوع من انواع الإدمان وعدم التمييز ورفض لتغيير هذه العادة، اي التسول".