عطفاً على قرار سابق بحق الجناح العسكري في الحزب، وضع السعوديون أيضاً الجناح السياسي للحزب على لائحة الارهاب والعقوبات وبهذا تكون المملكة قد قطعت أي اعتراف بالحزب وامتنعت عن التعاطي معه كجزء أساسي من حكومة يرأسها الشيخ سعد الحريري وفي هذا بلاء كبير أو ازدواجية في المواقف اذا ما وقفت الى جانب الرئيس سعد الحريري في رئاسته لحكومة خاضعة لشروط الحزب واذا ما تركت الحريري وشأنه في الحكومة يعني أن مغارة علي بابا لن تفتح له وبهذا ستتبخر أحلام الوعود بالرخاء الاقتصادي نتيجة دعم عربي و اقليمي ودولي وعندها ستُضعف المملكة من دور سعد الحريري المعتدل لصالح القوى البديلة والتي أثبتت في الانتخابات النيابية حضورها على حساب تيّار المستقبل الذي خسر في الانتخابات وسيخسر الحكومة من خلال الموقف السعودي الجديد من حزب هو شريك الحريري حليف المملكة في حكومة خاضعة للمقاومة.
إقرأ أيضًا: ما في مسؤول إلاّ و أكل كف من بري
ليس عن عبث أن تختار المملكة العربية هذه اللحظة الراهنة من التصعيد ضدّ دور إيران في المنطقة وأن تتوافق مع قرار ترمب من الملف النووي وتعتبر أن الخروج الأمريكي عن الإتفاق فرصة سانحة لردع إيران عن دورها الإقليمي وفرصة مؤاتية لكبح جماح الحزب في لبنان بعد أن خرج رابحاً في انتخابات نيابية أعادت حلفاء سورية الى السلطة من جديد رغم ما بُذل لإنهاء كل ما يتصل بنظام الأسد بسبب ما، فلم تفلح القوى التي اعتمدت عليها المملكة في هذه المهمّة بل هذه القوى حلّت نفسها وفككت قوتها وباتت متشابكة مع بعضها البعض وتسعى كل جهة من جهاتها الأربعة الى ترتيب علاقات سياسية مع القوى المرتبطة بسورية الأسد للبقاء في الحكومة وتسيير أعمالها وفق روزنامة تخدم النظام السوري ولا تخدم المملكة التي وجدت أن التفاهم على النأي بالنفس شكلي وغير جدي وأن التعدي على المملكة بات من ثوابت الخطابات السياسية للحزب وحلفائه وعلى مسمع ومرأى من رئيس الحكومة ومن تيّار المستقبل وحلفاء المملكة العربية.
أمام الرئيس سعد الحريري معوّقات كثيرة في حكومة تأخذ شرعيتها من شروط حزب وضعته السعودية على لائحتي الإرهاب والعقوبات وهو مضطر الرضوخ للشروط التي رضخ لها من قبل وهو قوي شعبياً و نيابياً فكيف لا يرضخ لها وهو فاقد للقوتين المذكورتين بعد انتخابات حفلت بخساراته الفادحة وبالتالي كيف سيمرر عودة رموز النظام السوري الى السلطة؟ ومن أبواب الحكومة أو المجلس النيابي وفي مواقع متقدمة و مسؤولة أصرّ عليها الحزب ليكيد لأعداء سورية في الداخل و الخارج.
إقرأ أيضًا: عرف النبيه مكانه فتدلل
يعيش الشيخ سعد الحريري أسوأ الظروف من جهة موقف المملكة المصرّة على حرق كل الأوراق التي تحاصر سياساتها و أمنها دون الإلتفات الى مصالح حلفاء لم يتمكنوا من النجاح في أي دور من أدوارهم لا في السلطة ولا في المعارضة بعد أنهكوا المملكة مادياً ومعنوياً، ومن جهة ضعفه النيابي وبروز شركاء نديين له في تمثيل الطائفة ولهم حق في حصته السياسية، ومن جهة ضعفه السياسي اذ لم يعد رمزاً لثورة ولا لفريق سياسي كان في أسوأ حالاته يمثل نصف اللبنانيين وبات مُقيداً بسلاسل خصومه ولم يعد باستطاعته عملياً و دستورياً مواجهة أخصام أقوى منه في السلطة فهو دون الإرتهان لكتل كان متخاصماً معها لا يمكن له البقاء في رئاسة الحكومة لذا قرّر المُضي خلف التيّار الحرّ لتقطيع مرحلة طويلة قد تسحب منه ما في جعبته بعد من أوراق قوة.
في موقف المملكة من الحزب بعدان أحدهما يقضي باعتزال السعودية عن أي دور لها في لبنان والتخلي عنه ما دام في قبضة الحزب والآخر يؤكد نهاية العلاقة مع الحريري طالما أنه خاضع لحسابات سلطة ممسوكة من قبل الحزب الذي أنهت السعودية أيّ اعتراف به بعد أن وضعته على لائحة الإرهاب.