تتوقع مصادر ديبلوماسية، ان يحتل موضوع النازحين السوريين اولوية امام الحكومة الجديدة، وان تكون مسألة عودتهم مطروحة على نار حامية، وان كان ذلك محور رفض من المجتمع الدولي لان له موقفاً مغايراً من ان يبدأ لبنان بارسال اعداد الى سوريا على سبيل اعادتهم.
لبنان الرسمي لم يرق له بيان مؤتمر بروكسل الذي انعقد الشهر الماضي حول النازحين ومستقبل سوريا. لكن المصادر تقول، ان بيان بروكسل جاء بلهجة اقسى، لان الدول رأت انه لا توجد ظروف آمنة لعودة النازحين. وهي تراقب طريقة تعامل بعض الاجهزة الامنية اللبنانية مع النازحين والسعي لاعادتهم شيئاً فشيئاً، لا سيما بحكم الاعتبار بأن المناطق التي يسيطر عليها النظام هادئة، ولا مشكلة في عودتهم. ويعتبر من هم مع هذا الموقف، ان هؤلاء النازحين يذهبون بكامل ارادتهم الى مناطق النظام، وهم ليسوا نازحين تتم اعادتهم.
والدول الآن تخاف من ان تتم اعادتهم من لبنان بهذه الطريقة، لا سيما وان العديد من المحسوبين على النظام السوري فازوا في الانتخابات النيابية، وهؤلاء يمكن ان يضغطوا في هذا المجال، ويمكن ان تصل ضغوطهم الى حد المطالبة بالحديث مع النظام السوري لاعادتهم. اذ تُشكل هذه الفرصة عودة للحديث بين الحكومة والنظام كما يريدون.
ان مفهوم العودة الآمنة وفق المعايير الدولية، لا يعني وقف القصف، بل في المخاطر المحدقة بالنازح اذا عاد الى بلاده، خصوصاً في ظل استمرار الاعتقالات والسَجن والتعذيب، وليس من يضمن سلامتهم. اي انه في مفهوم اللجوء، اذا اعيد النازح الى بلاده، في ظل تعرضه للخطر، فهذا لا يعني عودة آمنة.
وفي هذه النقطة بالذات، هناك صراع داخل لبنان بين من يعتبر ان الازمة في سوريا هي بين الدولة والارهاب. وهؤلاء يعتبرون ان الصراع انتهى. وبين من يعتبر ان الصراع هو بين النظام والشعب الذي يريد الديمقراطية والحرية والتطور، ويريد الانتهاء من الديكتاتورية. وبالتالي، المجتمع الدولي يعتبر انه مع الموقف الثاني، وان هناك خطراً على حياة المعارضين من النظام حتى في ظل توقف القصف، وهو لن يعطي غطاء للعودة الى حين حصول حل سياسي، وهذا يمثل مفهوم الامان في المعايير الدولية.
لذلك ينعكس الموقف على الامم المتحدة التي لا تريد اعطاء شرعية للعودة في هذه المرحلة. وبالتالي اتخذت منظماتها المعنية موقفاً سلبياً من عودة اعداد من النازحين من شبعا الى سوريا، قبل مدة قصيرة. والمصادر تقول ان "حزب الله" لا يريد كتلة سنيّة في هذه المنطقة، ويهمه ارجاعهم للتخلص من وجودهم. لكن اذا كان هناك من نازحين قريبين من النظام، فليس من جهة لبنانية تمنع عودتهم الى مناطق النظام.
الا ان مصادر ديبلوماسية بارزة، تؤكد ان معالجة مشكلة النازحين، تحتاج الى جهد كبير مع الاطراف الدولية وكذلك مع الافرقاء الداخليين من اجل ايجاد حل مناسب. وبالتالي، ان اللغة الخشبية التي تتكرر لا يمكن ان تؤدي الى نتيجة. بل من الضروري وجود خطة متكاملة تراعي المقتضيات السيادية والدستورية والقانون الدولي ومصلحة لبنان، ومصلحة النازحين في آن معاً. بحيث تكون هذه الخطة مدروسة ومقبولة ومعقولة بدلاً من ان يفتش كل فريق على ما يناسب مصالحه الخاصة.
لذلك، يجب على لبنان ان يقوم بتحرك للتوصل الى حل متوازن. واذا تم ايجاد هذا الحل، يمكن ان يستقطب مساعدات اكثر، وان عدم ايجاد الحل، فان النازحين سيبقون في لبنان اطول فترة ممكنة.
المبدأ الدولي بحق العودة، ليس من الضروري ان ينطبق على لبنان في ظل مبدأ السيادة الوطنية الذي يرفض التوطين، من دون الدخول في سجالات كلامية مع الخارج. وللتذكير حق العودة الدولي هو طوعي وليس الزامياً. وبالتزامن يجب توحيد الموقف بين الدول المضيفة للنازحين اي مع تركيا والاردن، عوضاً عن تصوير لبنان وكأنه يتعرض لمؤامرة وانه لا يريد النازحين.