دخلت الولايات المتحدة ومن خلفها دول الخليج على خط البازار الحكومي، إذ فرضت وزارة الخزانة الأميركية عشية صراع الكتل النيابية على الحقائب الوزارية عقوبات على 10 قادة من (حزب الله) بينهم الأمين العام (السيد حسن نصر الله) ونائبه الشيخ نعيم قاسم. بالتوازي، أدرجت السعودية وحلفاؤها في "مركز استهداف تمويل الإرهاب" 10 من قادة الحزب بالإضافة إلى 4 كيانات تدور في فلكه، على قائمة الإرهاب.
وهي العقوبات الذي وضعها البعض على خط ماراتون تشكيل الحكومة، لا سيما أن هذه الإجراءات أنهت التمييز ما بين الجناحين العسكري والسياسي في (حزب الله)، شاملة مجلس شورى الحزب بكل فروعه.
لا يتوقع الكاتب والمحلل السياسي غسان جواد أن تؤثر هذه العقوبات على الحزب بشكل مباشر، لأنه ليس لديه تعاملات مصرفية ومالية وليس جزءا من النظام المصرفي.
ويرى في حديثه لـ"ليبانون ديبايت" أنها محاولة لتعديل موازين القوى في الداخل بعدما حقق الحزب وحلفاؤه تقدماً كبيراً في الانتخابات النيابية، يضاف إلى تقدمه الميداني إقليمياً، والرصيد السياسي الذي راكمه الحزب في الفترة الاخيرة.
بالإضافة إلى أنها محاولة لمساعدة حلفاء أميركا والسعودية في لبنان كي يخوضوا مفاوضات حكومية بشكل يساعدهم على تحقيق المكاسب، واستئناف ومواكبة المواجهة الاميركية مع الحزب واعطاؤها أبعادا داخلية، بحسب جواد.
لكن السؤال عما إذا كانت ستستجيب القوى الداخلية لهذه الرغبة الأميركية والخليجية. يستبعد جواد أن تتأثر حصة الحزب في الحكومة بهذه العقوبات، لأن الحزب لديه كتلة نيابية كبيرة وهو جزء من قوى سياسية تتشكل منها الحكومة.
وبعد هذه العقوبات، لبنان أمام احتمالين "الأول أن يستفيد منها حلفاء السعودية لتحسين ظروفهم في تشكيل الحكومة. والاحتمال الثاني أن يذهب هؤلاء بعيدا في المواجهة ما يعطل تشكيل الحكومة ويكون بالتالي استهداف لعهد الرئيس عون ورغبة رئيس الحكومة سعد الحريري بإنجازات اقتصادية تشبه الدور الاقتصادي لوالده".
ويرجح جواد الاحتمال الأول "لأن لا أحد في لبنان لديه مصلحة أن يأخذ الأمور باتجاه تعطيل إنشاء الحكومة".
في المقابل، يعيد العميد الركن خالد حمادة في حديثه لـ"ليبانون ديبايت" هذه العقوبات لما سماه "حجمها الطبيعي" ويضعها في سياق مسار أميركي اتبعته هذه الإدارة. ويرى أنه لا يمكن مقارنتها بحدث لبناني محلي هو تشكيل الحكومة، هذه العقوبات كانت ستفرض سواء كان لبنان في مرحلة تشكيل حكومة أم لا.
لن تقدم هذه العقوبات ولن تؤخر في تشكيل الحكومة الذي يمكن أن يتعثر لأسباب لبنانية بحتة لها علاقة بتوزيع الحقائب والفساد الإداري والسيطرة على القرار الحكومي المحلي، وفقاً لحمادة.
إلا أن هناك تأثيراً وحيداً غير مباشر للعقوبات على الحكومة، إذ يمكن أن تحدد هذه العقوبات أنواع الحقائب التي يمكن أن يتولاها وزراء (حزب الله)، إذ برأي حمادة لا يمكن أن يحصل الحزب على وزارة أمنية أو حقيبة لها علاقة بالسياسة المالية والخارجية، أو أي وزارة يكون للعلاقات الدولية شأن فيها، عندها ستكون عقوبات مقيِّدة لحركة الحكومة. أما باقي الوزارات، يمكن لحزب الله الحصول عليها لا سيما أن الأشخاص الواردة أسماءهم في العقوبات لن يستلموا حقائب وزارية وليسوا أعضاء في المجلس النيابي.
ويتساءل حمادة عما إذا كان البيان الوزاري سيتطرق لرفض هذه العقوبات أو عدم رفضها، ما سيخلق جدلاً داخل الحكومة.
وعن استهداف العقوبات لأسماء كبيرة في الحزب وصلت حتى اسم نصرالله، يقول حمادة "هذه التسمية حتمية، ولا يمكن إن كانوا جديين في عقوباتهم أن يستثنوا رأس الهرم وإن كانت لديه مهمات سياسية، لأن العقوبات لم تعد تفرق بين (حزب الله) السياسي والعسكري.