على مدى يومين متتاليين ، فرضت الولايات المتحدة الأميركية ومعها عدة دول خليجية عقوبات إقتصادية على شخصيات وقيادات وكيانات مرتبطة ب " حزب الله " في لبنان والعالم ، وصنّفت دول خليجية الحزب بشقيّه السياسي والعسكري كمنظمة إرهابية .
العقوبات والتصنيفات الجديدة ، إضافة إلى طبيعة ونوعية الشخصيات المستهدفة كالسيد " حسن نصر الله " ونائبه الشيخ " نعيم قاسم " طرحت عدة أسئلة حول التوقيت والغاية منها .
فهي جاءت بعد إنتهاء الإنتخابات النيابية في لبنان والنتائج المبهرة التي حقّقها الحزب وحلفائه في معظم الدوائر الإنتخابية ، وهي أيضاً تأتي بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب الإنسحاب من الإتفاق النووي مع " إيران ".
وليس من باب الصدفة أن تأتي هذه العقوبات القاسية على حزب بعد هذين الحدثين لمن يعلم طبيعة الإستراتيجية الأميركية على مستوى القرار وعدم عبثية إختيارها للتوقيت .
ما يفتح المجال أمام معرفة الغاية الأساسية من هذه العقوبات ، فهي تأتي ضمن سياق الإستراتيجية الأميركية الشاملة لتقليم أظافر " إيران " وأذرعها في المنطقة ، حيث تُوّجت هذه الإستراتيجية بقرار ترمب الأخير .
إقرأ أيضا : واشنطن تفرض عقوبات جديدة على صلة بـحزب الله
لكن العقوبات على الحزب لها حسابات محلية وداخلية لبنانية أيضاً ، فهي ستُعيد خلط الأوراق الداخلية لتحاول فرملة تداعيات الإنتصار الكبير للحزب وحلفائه في الإنتخابات .
هذا يعني أن خارطة التحالفات ستتغيّر داخلياً ، وسنشهد محاولات لرأب الصدع في علاقات تيار المستقبل مع كل من القوات اللبنانية والحزب التقدمي الإشتراكي ، مع حرص المستقبل على إبقاء التيار الوطني الحر في منطقة ضبابية بينه وبين الحزب .
لكن في الوقت نفسه ستضيّق الخيارات على الرئيس سعد الحريري في حال تم تكليفه من جديد برئاسة الحكومة ( هذا التكليف أصبح غير محسوم بعد العقوبات ).
ولو إفترضنا أنّه تم تكليفه تشكيل الحكومة ، فهناك أسئلة تُطرح عن مشاركة الحزب في الحكومة و توزيع الوزارات السيادية ( المال ، الداخلية ، الخارجية ، الدفاع ).
إقرأ أيضا : أميركا ودول خليجية تفرض عقوبات على قيادات صف أول في حزب الله بينهم نصر الله
والأهم البيان الوزاري والمعركة المقبلة على تضمينه بند الثلاثية ( جيش - شعب - مقاومة ) ، وسياسة النأي بالنفس وملف النازحين والتنسيق مع النظام السوري .
كل هذه الملفات الشائكة أصبحت أكثر تعقيداً بعد هذه العقوبات ، ما يضع التسوية الأخيرة في لبنان أمام تحدّيات كبيرة ، إلاّ إذا إختار جميع الأفرقاء اللبنانيين خيار التنازل لأجل المصلحة الوطنية وعزلوا لبنان مرحليا عن تداعيات النار الإقليمية والصراعات العابرة للحدود ، فحينها ستمرّ الإستحقاقات على خير وبهدوء تام.