هذه الكلمات جاءت ضمن جملة اسباب استخدمها ترامب في تبرير خروجه من الاتفاق النووي JCPOA . وهو يقول ان الـ JCPOA غير فعال ويسمح مع مرور الوقت لايران بتحقيق القدرة على انتاج اسلحة نووية.
ويشاركه في الرأي رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو والذي أعلن ان عناصر من الموساد حصلت على كمية كبرى من الوثائق والبيانات حول مشروع ايراني لتطوير الاسلحة النووية. وقال نتانياهو ان الوثائق تثبت ان ايران كذبت في نشاطاتها النووية السابقة.
وحسب ترامب، هذا الاتفاق (النووي) يعطي النظام في ايران عدة مليارات من الدولارات وهذا يعني حرجًا كبيرًا له كمواطن اميركي. ومن المؤكد ان هذه الاموال ليست اميركية انما ايرانية وهي اصول مجمدة في المصارف الاجنبية بسبب العقوبات الدولية لبرنامجها النووي (تقدّر وزارة الخزانة الاميركية ان ايران لديها اكثر من ٥٠ مليار دولار من الاصول السائلة القابلة للاستخدام والمتاحة لها بعد رفع العقوبات المفروضة بموجب احكام الـ JCPOA بينما يؤكد المركزي الايراني ان الرقم هو ٣٢ مليار دولار).
وللعلم ما قاله نتانياهو وحسب Daryl Kimball ليس بالامر الجديد وهذا يؤكد اهمية السير بالاتفاقية لمنع ايران من سرعة حشد ما يكفي من الاسلحة النووية ويؤازره في الرأي الاتحاد الاوروبي ويعزز قضية الـ JCPOA .
هذا الاختلاف في الرأي دفع القادة الاوروبيين الى فتح نافذة دبلوماسية لانقاذ الاتفاق النووي الايراني من دون الولايات المتحدة، وبدء محادثات مباشرة مع طهران، والنظر في كيفية الابقاء على علاقة الاعمال في مواجهة معارضة واشنطن. وحسب Jean Yves LeDrian وزير الخارجية الفرنسي «هنالك انسحاب اميركي من الاتفاقية لكن الاتفاقية مازالت سارية.»
هذه المشاعر يتشاطرها الوزير الفرنسي مع عواصم اخرى تدعم اتفاقية عام ٢٠١٥ وهي بروكسل ولندن وبرلين وموسكو وبكين وغيرهم من المعتدلين الايرانيين الذين يرون في الاتفاقية خطوة نحو الامام رغم انهم تحت ضغط المحافظين الذين يعارضونها منذ فترة طويلة.
هذه الامور كلها تضع الشركات الاوروبية، والتي عقدت اتفاقيات مع طهران منذ سريان مفعول الاتفاق، ان تختار بين اغلاق عملياتها هنالك او الاستمرار باعمال تجارية مع خطر مواجهة الولايات المتحدة وعقوباتها عليها.
ومن بين الشركات التي ستتأثرAirbus والتي فازت بعقد قدره 19 مليار دولار لتزويد ايران بـ ١٠٠ طائرة مدنية وقد سلمت لغاية الآن ثلاثة منها كذلك شركة بوينغ الاميركية والتي فازت بعقد قدره ٢٠ مليار دولار اميركي. أضف الى ذلك شركة توتال والتي فازت بعقد قدره ٢ مليار دولار لتطوير حقل النفط جنوب باريس وهو مشترك بين ايران وقطر.
كل هذا يعني ان هذه الاتفاقيات على المحك وأي تراجع فيها يعني خسارة كبيرة لـ «ايرباص» و«بوينغ» و«توتال» لا سيما وان رفع العقوبات له اثر ايجابي على العلاقات التجارية والاقتصادية مع ايران. ويؤكد الاتحاد الاوروبي التزامه بأن يستمر، وان هنالك بعض التدابير التي يمكن ان يتخذها القادة الاوروبيون في محاولة لحماية المؤسسات الاوروبية في ايران. وقد يخلّف انسحاب واشنطن من هذه الاتفاقية، حسب الاوروبيين، أضرارا تفوق الاضرار التي تسبّبت بها القرارات التي اتخذها ترامب في ما يختص باتفاقية باريس للمناخ، والاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل وتهديداتها بشأن الالومنيوم والصلب.
وهذا الامر غير اكيد وقد يكون مؤكدًا ان الشركات الاوروبية قد تستجيب لانذار واشنطن حسبما يقول المحللون نظرًا الى حجم السوق الاميركي وقوة البنوك الاميركية وقد يعطون الاولوية لعلاقتهم مع الولايات المتحدة الاميركية.
كل هذه الامور تتداخل وتضع اوروبا امام خيارات عدة لا سيما وانها مع روسيا والصين ترفض الادعاءات الكاذبة بأن ايران عمدت الى الغش في التعامل لا سيما وان الوكالة الدولية للطاقة الذرية والتي تجري التفتيش بشكل متواصل لم تكشف اي مخالفة من قبل طهران.
والخيار الثاني والذي يعتبر ملزما لاوروبا هو مواجهة العقوبات الاميركية، كذلك فرصة اعادة ايران الى تخصيب قدرتها النووية وهو الامر الذي قد يكون اكثر خطرًا على المنطقة برمتها، لذلك نرى ان اوروبا تواجه النقيضين اذ انها لا يمكنها تجاهل الشراكة المعتمدة مع الولايات المتحدة، لكن في الوقت نفسه فإن قادة الاتحاد الاوروبي يعلمون علم اليقين أن الانسحاب يهدّد السلام والاستقرار العالميين مع سياسة ترامب.
الامر الاكيد ان الولايات المتحدة لم تعد قادرة على البقاء على رأس القائمة في النظام العالمي، في وقت ازدادت فيه قوة روسيا والهند والصين واصبحت مؤثرة في هذا النظام. اما اوروبا فتبقى متأثرة، والى حد بعيد، بسياسة الولايات المتحدة المتقلبة والتي تشكل خطرًا وهي مصدر عدم استقرار من جميع النواحي.