أولاً: اللقاء المنتظر بين زعيمي القوات والمستقبل
وكما كان مُنتظراً، حصل اللقاء الذي طال انتظاره بين رئيس القوات اللبنانية ورئيس المستقبل، ويبدو أنّ الانتخابات النيابية ونتائجها كانت كفيلة بتبديد بعض الغيوم التي تلبّدت بين معراب وبيت الوسط، والمبادر فيها، هذه المرّة الدكتور سمير جعجع، والذي برع في الآونة الأخيرة بالقيام بخطواتٍ حاسمة وجريئة، يمكن اعتبارها "ضربة معلّم"، ذلك أنّ مسارعة جعجع لاحتضان رئيس الحكومة المقبل، قد تقطع الطريق على ارتماء الحريري في أحضان العهد، أو الأصح بين يدي جبران باسيل، والذي برع في الآونة الأخيرة في تجميع أكبر عدد ممكن من الخصوم السياسيين وحتى الشخصيّين.
هذا اللقاء لن يسمح بعد اليوم لباسيل أن يستأثر بجناحي المسلمين، سُنّةً وشيعة، ذلك أنّ الثقل السياسي الحاسم للشّيعة (رغم دور الرئيس بري) ما زال بيدي "حزب الله"، والذي يربطه مع التيار العوني تفاهمٌ من الصّعب أن تُفصم عُراه، كما أنّ عودة الحريري لرئاسة الحكومة المؤكّدة تقتضي تنسيقاً كاملاً من قبل القوات مع الطّرف السُّنّي الذي ما زال فاعلاً ويستوطن بيت الوسط، خاصّةً بعد حملة تطهيرٍ بارزة في صفوف المستقبل، قد تُعيد العلاقات بين الرياض والحريري إلى سابق عهدها من الصفاء والوئام.
ولا يمكن أيضاً إغفال دور المملكة العربية السعودية في تقريب الحليفين القديمين بما يخدم مصالحها في مواجهة النفوذ الإيراني في لبنان خاصّةً والمنطقة العربية عامّةً.
ثانياً: الحكيم ينصح والحريري يستمع
الإشارة الإيجابية الوحيدة التي ندّت عن لقاء القطبين: الحكيم يتوسّع في الشرح وإسداء النُّصح، في حين حافظ الحريري على فضيلتي الصّمت والاستماع، إنّما هو استماعٌ إيجابي كما استبشر جعجع.
كان الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان يقول: لو أنّ بيني وبين الناس شعرةً ما انقطعت أبدا، قيل له: وكيف ذلك؟ قال: كنتُ إذا مدّوها أرخيتُها، وإذا أرخوها مددتُها.