أنتم الذين كان بإمكانكم أن تصوّتوا ولم تصوّتوا في 6 أيار لا يحقّ لكم أن تتذمّروا إذا اتُّخذ أي قرار أو شُرّع أي قانون يخالف مبادئكم أو لا يتناسب مع مصالحكم أو اذا لم يُتّخذ القرار المنتظر من قبلكم. أن تعتبروا جميع السياسيين فاسدين، أن تنتقدوا الوراثة السياسية والهيمنة الذكورية في لبنان، ليس فقط طيلة ولاية المجلس النيابي بل العشرين سنة المقبلة. فهذه الانتخابات تُعدّ مصيرية للبنان والأكثر منتظر منها جهدًا وعملًا نظرًا لأوضاع البلد الاقتصاديّة والاجتماعية الصعبة والوضع الاقليمي.
أنتم لم تبقوا في البيت فحسب، بل هاجمتم جميع المواطنين المنتخبين وانتقدتموهم، فانتقدتم بذلك حقّهم في التعبير ورأيهم وموقفهم، أي حقّهم في المشاركة في العمليّة الانتخابية، عمليّة الوجود والمواطنية والولاء للبلد.
أنتم الذين كان بإمكانكم أن تصوّتوا ولم تصوّتوا لأنّكم اعتبرتم أنّ الدولة اللبنانية لا أمل منها، لستم مدركين لكل ما حققته حكومتكم ومجلسكم هذه السنة والنصف بدءًا من اقرار موازنتي عامي 2017 و2018 الاولى منذ 12 عاماً، وحلول لبنان في المرتبة الاولى في الشرق الأوسط من ناحية الخدمات الصحّيّة وفي المرتبة الثانية والثلاثين عالميًا، وإلغاء المادّة 522 من قانون العقوبات التي تنصّ على أنّه إذا عقد زواج صحيح بين مرتكب جرائم الاغتصاب أو الخطف والمعتدى عليها أوقفت الملاحقة، واحتفال رأس السنة في ساحة النجمة، وتعديل قانون الانتخاب، إلى اقرار مجلس الوزراء المرحلة السابعة من توسعة شبكة الهواتف الأرضية الى جميع المناطق اللبنانية البعيدة، وطلب تخفيض أسعار الانترنت بين 20 و50 بالمئة ليحصل المواطن على خدمة بسعر جيّد.
لماذا تنظرون الى الفاسدين في السلطة وليس الى الفئة الراغبة بالتغيير والعاملة بجهد وتوسعون كتلتها النيابية في المجلس؟
وبالكلام عن الوراثة السياسية، فماذا تعتبرون عائلات بوش وكلينتون وآدامز في الولايات المتحدة وعائلة لوبان في فرنسا؟
تنتقدون عدم وصول المرأة إلى المجلس النيابي وتلقون باللّوم على السياسيين والأحزاب وتسخرون من عدم المساواة بين حقوق الرجل والمرأة، لكن في الحقيقة ترشّحت 111 امرأة على الانتخابات ولم تصل إلى المجلس إلّا 6 نساء. أليس اللّوم يُلقى عليكم أيّها الشعب اللبناني وعليكم أيّها الذين كان بإمكانكم أن تصوّتوا ولم تصوّتوا؟
اعتبرتم أنّ الأحزاب هي ظاهرة فاسدة ومتسلّطة على عقول المواطنين ، لكن في الحقيقة الأحزاب هي ظاهرة في الديمقراطية ونظام الأحزاب المتعدّدة موجود في العلم السياسي. فإذا كنتم لا تحبّون الاحزاب السياسية لماذا لم تصوّتوا للمرشّحين المستقلّين؟
أنتم لا تريدون أن تروا القسم الأكبر من السياسيين والمرشحين الممصممين على التحسين والتقدّم. أنتم لا تريدون الإيمان في لبنانكم. إذاً، السبب الرئيسي لعدم نزولكم إلى مراكز الاقتراع هو انعدام روح التغيير والثورة والاندفاع لديكم وصبّ اللّوم على القوى السياسية والدولة الفاسدة.
(سيلينا بريدي)