نحن لا ننهزم، لأننا تعودنا على أن لا ننهزم، بل عوّدنا أنفسنا على عدم الاعتراف بالحقيقة، ولأننا تعوّدنا أن نستعمل الالفاظ والكلام بغير معناها الحقيقي، لقد تسلّحنا بالمجاز اللغوي، ولم نقدم لأفراد الامة حقائق الاشياء أو لقد أخفينا عن الامة ماهيّة الاشياء وحقيقتها، وهكذا غاب النور وغابت الانوار، وساد الظلم والظلام والظلمة.
نحن قوم تعوّدنا أن نهزم الهزيمة، وننتصر على كل حال، وسبب ذلك أننا لا ننظر إلى الوراء ولا ننظر إلى الامام، وهكذا تعوّدنا أن نراوح مكاننا، وبالتالي لا نرى إلا ظلّنا، الذي نحسبه ماردا لطوله بسبب خديعة الشمس.
كل شيء خَدَعَنا، لأننا خَدعْنا أنفسنا، وما زِلنا نخدع أنفسنا ونخدع الآخرين عندما لا نعترف بحقيقة واقعنا الذي يحتاج للعلاج من آلاف الامراض الفتاكة، فكرية وثقافية ودينية وإقتصادية وإنسانية ولا ننتهي من تعداد ما يعانيه واقعنا العربي والاسلامي.......
إقرأ أيضًا: ثلاثة خيارات مرّة أمام الحريري الضعيف
نحن الذين نكذب ثم نكرر ثم نكذب ثم نكرر حتى نصدّق كذبنا، ونضحك على جحا كيف صدّق كذبته، السعودية تدكّ اليمن من أجل القدس، وإيران تدكّ سوريا من أجل القدس، وكلاهما يستعمل كل الاساليب لإقناع الجماهير بصوابية المعركة التي قضت على كل إمكانياتهما، والقدس التي يقاتلون من أجلها في مكان آخر قد ضاعت.
سبع دقائق ونص، حسب قول الجمهورية الاسلامية تكلّفها المعركة لتزول إسرائيل من الوجود، ويرد "السيد حسن نصرالله" بأن الرد الذي كان مقررًا في عمق العدو قد توقف لأن إسرائيل خافت وطلبت وقف النار.
والانظمة العربية كافة يطلقون على العدو يوميا كل أنواع التنديد والاستنكار، ويُتعبون أنفسهم بإجتماعات عاجلة، ليصار بعدها تحميل المسؤولية للأمة الايرانية.
إقرأ ايضًا: الخطاب السياسي اللبناني الهابط ومخاطره
فبين مشاريع إيران وخطاباتها، وبين التنديد العربي شديد اللهجة وهروبها إلى الحاضنة الأميركية، مرّرتْ إسرائيل كل مشاريعها، وامتلكت مئات الرؤس من الأسلحة النووية، وأصبحت دولة عسكرية ضخمة، أما بلادنا فتحولت إلى ركام من الانتصارات التي لا تُصرف بثمن بخس، وإنساننا في العالم العربي والاسلامي يبحث عن الحياة في الموت، ويحمل على عاتقه خيبات تلو الخيبات، وهو ينتظر ترجمة الوعود التي يطلقها قادته، وإن كان على علم بأن القادة تطلق الالفاظ بلا معنى، والمصطلحات في غير محلها، ولكنه مضطر للأخذ بها، إذ لا بديل له ولا خيار له، سوى واحدة من إثنين، إما القَبول بواقع هو يعلم تزويره، وأما الهجرة إلى أمة أخرى قد يجد فيها مكانا وقد لا يجد، لأن الأمم التي يتمنى إنساننا العيش فيها، أو يتمنى أن تصبح أمتنا مثلها، قد سبقتنا بآلاف السنين الضوئية، وهي لا تقبلنا أصلًا، حيث أصبحنا عالة عليها.
ومع ذلك نحن قد زرعنا في أذهان الكثير من شعبنا، أننا هزمنا العالم، والعالم يتمنى منا أن نعفو عنه ونمن عليه بشيء من خيراتنا، إنه الوهم الوهم الوهم القاتل.