تظهر الكثير من الأمراض الجسدية ومنها الخطيرة، بعد مشكلات أو إضطرابات نفسية إجتماعية أو حتّى بعد مشكلات فردية أو عائلية. من أخطر هذه الأمراض، داء السرطان، حيث يؤكد العلماء بأنّ الحالة النفسية تؤدّي دوراً بارزاً في تفاقم هذا المرض.
وكم من المرضى، صارعوا هذا الداء الفتّاك وبفضل روحهم الإيجابية ونظرتهم التفاؤلية إستطاعوا أن يربحوا "الحرب" ضده. إلى ذلك، نجد إضطراباتٍ بسيطة، أسبابها نفسيّة مثل "تعثّر البلع"، إذ تؤكد بعض الدراسات وجود علاقة ما بين هذا الإضطراب والحالة النفسية.
ما هو تعثّر البلع؟
تُفسّر الاختصاصية في علاج النطق والبلع، نيكول ملكي في حديث لـ "الجمهورية" أنّ "تعثر البلع، يتميّز بصعوبة في بلع السوائل والطعام والأدوية. والمشكلة الكبرى في تعثّر البلع هو إحتمال دخول الطعام، في المجاري الهوائية بدل المريء، ما يسبّب مشكلات في التنفّس. وتضيف ملكي، بأنّ "تعثّر البلع موجود عند الأولاد وخصوصاً عند كبار السن".
فعندما يتخطّى الإنسان السبعين من عمره، قد يعاني من هذه المشكلة، بشكل ملحوظ خصوصاً عندما يكون قلقاً أو خائفاً. واهتمّت عدّة دراسات، بأسباب "تعثّر البلع"، تحدّدها اختصاصية علاج النطق بالنقاط التالية:
• عند الأطفال أسباب تعثّر البلع هي: الشلل الدماغي أو الولادة المبكرة.
• عند كبار السن، الأمراض العصبيّة مثل باركينسون، الجلطات، الصدمات الدماغيّة، سرطان الحنجرة أو سرطان اللسان... من أسباب هذه المشكلة. كما أنّ الخوف والقلق وبعض الحالات العصبية يمكن أن تؤدي إلى مشكلات في البلع.
عوارض جسدية ونفسية لتعثّر البلع
تؤكّد اختصاصية علاج النطق والبلع، وجود عوارض متعدّدة تشير إلى تعثّر البلع، أبرزها:
• السعال قبل، خلال أو بعد البلع. هذه السعلة تكون عادةً متكرّرة وليست لمرة واحدة، وتظهر من خلال سعال قوي ومتواصل.
• بحّة الصوت، بدون سبب معيّن خصوصاً بعد تناول الطعام.
• خسارة الوزن المفاجئة بدون أسباب فزيولوجية واضحة، حيث يتعجّب المريض والطبيب واختصاصي النطق بهذا النقص المفاجئ في الوزن.
• الوجع خلال البلع...
هذه العوارض يمكن أن تسبّب إلتهاب الرئتين وسعالاً دائماً مع وجع وصولاً إلى إلتهابات مختلفة ما يستدعي الدخول إلى المستشفى بشكل طارئ وسريع".
أما بالنسبة للعوارض النفسية، فهي:
• تأثّر عاطفي بسبب تعثّر البلع المتكرّر، ما يؤثّر على حالة المريض النفسية، فيشعر بأنه غير قادر على الإستمرار في الحياة بسبب حالته.
• الإكتئاب، ويعبّر المريض عن حزنه الشديد وصولاً إلى تناول الأدوية المضادة للإكتئاب بسبب حالته الصحية وتعثّره في البلع، ما يدفعه إلى إنطواء إجتماعي، وقلق وخوف من الأكل أو مضغ الطعام أمام أحد...
... والحل؟
تشير ملكي، إلى أنه على مَن يعاني من تعثّر البلع "التوجّه إلى طبيب الأنف والأذن والحنجرة حيث يقوم بفحص عيادي للتأكّد من صحة حنجرته وأوتاره الصوتيّة، كما يخضع لفحص إحساس الحنجرة. وبعد تلك الزيارة الطبية، يتوجّه المريض عند اختصاصيّة علاج البلع لتقييمه من خلال تقرير طبيب مختص، ثم يتبع المريض خطّة علاجية، هدفها تحسين آدائه في البلع".
وتوضح الاختصاصية في علاج النطق والبلع، بأنّ "بعد التقييم، يبدأ العلاج من خلال تمارين مكثّفة تهدف إلى تدريب المريض على البلع والتنفّس والمضغ وغيرها من الأهداف التي تصبّ كلها في مصلحة الآداء الصحيح للبلع. علماً أنّ الهدف الأساسي هو حماية المجاري الهوائيّة وجعل المريض يبلع بشكل سليم.
كما أنّ مساعدة اختصاصيّة تغذية أساسية لجعل المريض يربح وحدات حراريّة مناسبة له. وللاختصاصي النفسي دور كبير أيضاً في مساندة المريض أكان صغيراً أو كبيراً في السن"، وهو:
أولاً، يقوّي ثقة المريض بنفسه للتخفيف من وطأة تعثّره بالبلع.
ثانياً، يُحصّن المريض نفسياً، لينفتح على المجتمع.
ثالثاً، يخفّف من القلق والخوف اللذين يشعر بهما المريض طوال الوقت.
رابعاً، توجّه المريض عند الطبيب النفسي إذا كان يعاني من الإكتئاب، وخصوصاً في حالة الإكتئاب الحاد.
كما أنّ دور المعلمة في الصف أساسي، "في حال لاحظت بأنّ أحد الطلّاب من ذوي الاحتياجات الخاصّة يتفادى تناول الطعام وينزعج حين يأكل، يجب أن تتواصل مع أهله وتحثّهم على الإتصال بالطبيب لكي يكشف على الطفل. وفي حال صحّ كلامها، من المحبّذ أن يُطحن الطعام لكي يستطيع الولد أن يبلعه بسهولة أكبر".
وتنصح الاختصاصية في علاج النطق والبلع، "الأشخاص الذين يعانون من تعثّر البلع، أن يأخذوا حالتهم على محمل الجد إذ يمكن أن تؤدّي إلى أمراض رئوية خطيرة تسبّب الوفاة، كما يجب أن يلتزم المريض بسرعة بنصائح الطبيب والاختصّاصيّين ليتمتّع بصحّة أفضل.