هوَت امبراطورية اللواء أشرف ريفي العظمى في طرابلس، شأنها شأن امبراطوريات سياسية عمرها سنوات، وبالغ البعض في تقزيم الحجم الشعبي للواء الذي استطاع أن يشكّل لنفسه حيثية كبيرة في وقت قياسي، وحقق ربحاً عجائبياً بوجه كل القوى الأساسية في الانتخابات البلدية، إذ كانت حصته 16 عضوا من أصل 24 من عدد أعضاء المجلس البلدي في المدينة.
قبل انتخابات 2018 نادراً ما كان يغيب اسم ريفي عن التوقعات الانتخابية، وما كان يذكر عرابو الاستحقاق اسماء الفائزين إلا وكان اللواء حاجزا لنفسه مقعداً سنياً بينهم. لكن بعدما زال ثلج الانتخاب وبان مرج الأرقام، أفصح عن حقيقة تقول إن لائحة "لبنان السيادة" التي ترأسها ريفي لم تستطع تأمين الحاصل، لكنها استطاعت حصد 9,656 صوت بينما الحاصل المطلوب 13,310 صوت. واستطاع ريفي وحده الحصول على 5,913 صوت تفضيلي، أي ليس بفارق كبير عن النائب المنتخب عمر كرامي الذي حصل على 7,126 صوتاً.
من المجحف بحق ريفي الجزم بأن أسطورته قلبت آخر صفحاتها في عاصمة لبنان الثانية في 7 أيار، فما حصده من الأصوات وحيدا في وجه زعماء اختبروا الحرب النيابية منذ عقود جديرٌ بالتقدير، لكن يبقى السؤال الأساسي لماذا فشل ريفي في تأمين الحاصل الانتخابي؟
سلّة من الأسباب، بحسب مصادر محلية، يُمكن ركن خسارة ريفي إليها، بعضها يتحمل مسؤوليتها هو والبعض الآخر لا ذنب له فيه.
تأتي في مقدمة هذه الأسباب الفشل الذريع الذي أثبته المجلس البلدي المحسوب على ريفي، في حل أزمات المدينة المعتقة، طوال عامين مرّا على تشكيله في طرابلس. وهو الفشل الذي ضرب الصورة التي حاول ريفي رسمها أمام أهل مدينته، وأصابهم بخيبة أمل بعدما كانوا يتوقعون من المجلس الجديد أن يكون الدواء الشافي للأزمات المتعاقبة التي توالت عليها المجالس البلدية من دون حلها والتطلع إلى معاناة شعب أثقله الإنماء غير المتوازن.
ومن الأسباب التي أدت إلى خسارة ريفي بحسب ما تؤكد المصادر الطرابلسية نفسها لـ"ليبانون ديبايت"، أن ريفي فشل في التحالف مع الجماعة الإسلامية والإسلاميين في طرابلس و"عددهم كبير"، ويعود ذلك لانتظار هؤلاء تيار المستقبل للوفاء بوعود التحالف معهم حتى اللحظات الأخيرة. وبعدما أدرك الاسلاميون أن المستقبل لن يتحالف معهم كان ريفي قد شكل لائحته.
كما أن بعض الطرابلسيين لم يتقبل خطاب ريفي التصعيدي وتخوف من وقوع حرب بينه وبين حزب الله بسبب الخطاب الناري. إلى ذلك ساهمت الأجهزة الأمنية بمحاصرة ريفي ومضايقته ومنعه من التحرك الشعبي بسهولة، وتؤكد المصادر أن الأجهزة ساهمت بافتعال إشكالات أمنية في عدد من مهرجانات ريفي الشعبية في طرابلس، وقامت بتخويف الناس من احتفالاته.
لا ترى المصادر أنه كان للسعودية أي دور في خسارة ريفي، وهي وإن كانت لم تدعمه مادياً، لكنها اعتمدت هذه الاستراتيجية مع مختلف المرشحين السنة، "نتيجة قراءة مختلفة من المملكة للشارع السني، إذ كانت تنتظر نتائج الانتخابات لتعرف حجم المتنافسين لتتعامل معهم على هذا الأساس".
وعلم "ليبانون ديبايت" من مصادر مقربة من ريفي أن اللواء يتحضر لتقديم طعن بنتائج انتخابات طرابلس، انطلاقاً من عدد الأوراق الملغاة المرتفع جداً في انتخابات الشمال الثانية، إذ وصل عددها إلى 5,340، تؤكد المصادر أن معظمها كان لصالح ريفي وتم إلغاؤها في إطار مؤامرة لإسقاط ريفي في مملكته. فهل يستطيع هذا الطعن أن يغير المعادلة الشمالية ويجعل من ريفي نائباً منتخباً؟