لم تنتهِ بعد القوى والشخصيات السياسية الفائزة في الإنتخابات النيابية من تشكيل الكتل النيابية التي ستدخل تحت مظلتها إلى مجلس النواب .
ولكن قراءة أولية للنقاشات الحاصلة على أكثر من خط ، تُعطي صورة أولية ولو أنّها غير كافية لشكل التفاهمات والتحالفات السياسية في المرحلة المقبلة .
وفي هذه المرحلة هناك إستحقاقات سياسية عديدة ، أبرزها إستحقاق إنتخاب رئيس للمجلس النيابي المنتخب ، وتكليف رئيس للحكومة ، مع تشكيل الحكومة لاحقا والإتفاق على البيان الوزاري .
وتبدو خارطة الإستحقاقات صعبة ومعقّدة نوعاً ما ، بإستثناء إستحقاق إنتخاب رئيس للمجلس النيابي ، حيث من المؤكد أن رئيس حركة أمل نبيه بري هو من سيكون رئيس المجلس النيابي القادم من جديد لعدة أسباب .
فمن بين النواب الشيعة الفائزين (٢٧ نائب ) ، لا يوجد أي نائب حتى الآن إعترض على رئاسة بري للمجلس أو أعلن ترشّحه للمنصب ، حتى النائب المنتخب جميل السيد سبق وأن أعلن قبل الإنتخابات أنّه سيُصوّت لبري ، كذلك الأمر بالنسبة للنائب المنتخب عن دائرة جبيل مصطفى الحسيني الذي زار بري في المصيلح وأعلن تأييده له.
أما بلغة التوازنات داخل المجلس ، فقد أعلن العديد من النواب تأييدهم لبري ، وعددهم كافي لفوزه في هذا المنصب ، وكل النواب أيَّدوا ذلك بإستثناء القوات اللبنانية المُتريثة حتى الآن ما عدا عضو التكتل فيها النائب المنتخب عن زحلة قيصر معلوف الذي أعلن أنّه سيُصوّت لبري .
إقرأ أيضا : بعد إستقالة نادر الحريري ... ما مصير تفاهمات الحريري مع باسيل ؟
كذلك الأمر بالنسبة لتكتل " لبنان القوي " الذي يضم التيار الوطني الحر وحلفائه وعددهم تقريبا ٢٩ نائبا ، ولن يؤثّروا بطبيعة الحال على حظوظ بري .
وهناك كتلة حزب الكتائب ( ٣ نواب ) لم تفصح عن قرارها بعد ، كذلك الأمر بالنسبة ل " كلنا وطني " المُمثّل بنائب واحد .
بالمحصلة ، هذه الكتل التي لم تُعلن عن قرارها بعد ، لن تُغيّر بالنتيجة شيئا ، فالأكثرية النيابية في المجلس هي لصالح بري في هذا الإطار ، وإن كان الأخير ميّالاً لحصد أكبر نسبة من الأصوات ، تفوق تلك التي حصل عليها الرئيس ميشال عون في جلسة إنتخابه لرئاسة الجمهورية .
وفيما يتعلق بإستحقاق رئاسة الحكومة ، تبدو الأمور ضبابية نوعا ما ، بالرغم من أن الأجواء تميل إلى عودة الرئيس سعد الحريري إلى منصبه .
لكن لا شيء محسوم حتى الآن ، فالكتل المُؤيّدة علنا للحريري هي حركة أمل والتيار الوطني الحر وبطبيعة الحال تيار المستقبل ، أما باقي القوى فلم تُعلن ذلك بعد ، حتى القوات اللبنانية والحزب الإشتراكي اللبناني لم يُفصحا عن رأيهما في الموضوع .
إقرأ أيضا : ما في مسؤول إلاّ و أكل كف من بري
والمشكلة التي تواجه الحريري هذه المرة هي ضيق هوامش حركته السياسية لسببين ، أولهما تقلّص حجم كتلته النيابية ، وثانيهما وجود مُرشّحين سُنة ذات ثقل ووزن سياسي هام يسمح لهم بترؤس الحكومة كالرئيس نجيب ميقاتي والنائب المنتخب عبد الرحيم مراد ، وبدرجة أقل النائبين المنتخبين فيصل كرامي وأسامة سعد .
لذلك ، على الحريري تقديم عروض سياسية كبيرة ومُغرية للقوى الوازنة في البلد لإقناعها بإعادته لرئاسة الحكومة ، من قضية سلاح المقاومة إلى توزيع الحصص الوزارية التي يأتي في طليعتها وزارة المال.
وعليه ، تبدو رئاسة الحكومة نوعاً ما إستحقاق مُعقّد ، ويتطلّب تنازلات من جميع اللبنانيين في ظل التطورات التي تحصل في المنطقة والتي تتطلب رصّ الصفوف والتعالي عن الجراح .