النتائج الانتخابية صدرت، احتفالات تقبّل التهاني مستمرّة، اجتماعات التكتّلات النيابيّة بدأت ودوّنت في تقاريرها عناوين وشعارات المرحلة المُقبلة. والأنظار اليوم تتّجه الى اولى جلسات مجلس النوّاب لانتخاب رئيس ونائب له وأعضاء هيئة المكتب، وبعدها الى تشكيل الحكومة، في "عجقة" اعمال خانقة أغفلت أنظار بعض المنتصرين أنّهم نواب منتخبين مع وقف التنفيذ، بانتظار كلمة المجلس الدستوريّ النهائيّة.
وسط زحمة الأفراح، هناك خاسرون يُعدّون عدّة الطعون الانتخابية، وفائزون "مغبونون" عينهم على حصّة نيابيّة أكبر متذرّعين بالغموض الذي شاب عمليّة الفرز، وجمعيّات رقابيّة تولّت بدقّة تفنيد الاستحقاق النيابيّ من مراحله الاولى وصولاً الى مجريات الاقتراع والاعلان عن النتائج.
ثلاث جمعيّات رقابيّة خرجت بتقارير توثّق التجاوزات التي تنال من شفافيّة العمليّة الاقتراعية وذلك قبل الإعلان الرسمي لنتائج الانتخابات النيابيّة الرسميّة. فيما سجّل مراقبو الجمعيّة اللبنانيّة من أجل ديمقراطيّة الانتخابات "لادي" 950 مخالفة طارئة، من بينها 222 تتعلق بتخويف أو ضغط على ناخبين داخل أو في محيط مركز الاقتراع، و242 مخالفة تتعلق بـ"مركز اقتراع غير مؤهل لاستقبال الاحتياجات الإضافية".
هذه المخالفات التي فاقت العدد المسجّل في الدورات الانتخابية السّابقة، لم يقتصر تسجيلها فقط على الجمعيّات الرقابيّة، بل شملت ايضاً عدد من المرشّحين الخاسرين ورؤساء لوائح توقّفوا عند الغموض الذي أحاط بعمليّة الفرز وهم بصدد دراسة تقديم الطعن.
جمانة عطالله سلوم (جمانة حداد) المرشحة الفائزة الخاسرة في دائرة بيروت الاولى، التي حصلت على 431 صوتاً تفضيلياً، تضع انتصار النائب المنتخب انطوان بانو، الذي حصد 539 تفضيلياً، في خانة تزوير النتائج وتختار سلك الطريق القضائي للطعن علّه يعيدها الى حالة الاحتفال بالنصر التي عاشتها لساعات معدودة.
جمعيّة المشاريع الخيريّة الإسلاميّة "الأحباش" تستعدّ بدورها للطعن في نيابة ديما جمالي، المُنتخبة عن المقعد السني الخامس في طرابلس، متذرّعةً بالفروق بين محاضر فرز الأقلام وأرقام لجان القيد في سرايا طرابلس.
النائب السّابق مصباح الاحدب يسعى بدوره الى سلك طريق الطعن مثل النائب المنتخب فؤاد مخزومي. فيما الفضيحة الأكبر حصلت في دائرة بعلبك ـ الهرمل تحت عنوان اختفاء الصناديق، والتي يستند اليها رئيس لائحة "الكرامة والانماء" النائب السّابق "الخاسر" يحيى شمص موثّقاً المخالفات عبر مقاطع فيديو سيُقدّم بناءً عليها طعناً لدى المجلس الدستوريّ. ومن شأن هذا الأمر، ليس فقط أن يوصله الى المجلس النيابيّ بل يطاول في الوقت نفسه مسؤولين كبار مسؤولين بالتقصير في اداء دورهم الرقابيّ.
هذه المخالفات وغيرها التي يرفضها المقدَّمة ضدهم جملة وتفصيلاً، تجعل بحسب أوساط متابعة من المرشّحين الفائزين المنتخبين المرتبطة مقاعدهم بالطعون المقدّمة، نواباً مع وقف التنفيذ الى حين اصدار المجلس الدستوريّ قراره النهائي بشأنها.
الأوساط نفسها تشير الى أنّ "الطعون تقدّم امام المجلس الدستوريّ ضمن مهلة ثلاثين يوماً بدءاً من اليوم التالي لإعلان النتائج، وعليه ان يقبلها ليُصار بعدها الى اصدار قراره خلال مدّة شهر باعتبار النتائج ملغاة او صحيحة، وذلك نتيجة الأدلة والتسجيلات والبراهين التي تصل اليه من قبل مقدمي الطعون وبعد قيام المجلس بتحقيقاته الخاصّة، اضافة الى التقارير المُرسلة اليه من قبل هيئة الإشراف على الانتخابات".
واستبعدت الأوساط تحقيق الطعون الانتخابية هدفها المرجو، لأسباب ليست سياسيّة، إنّما متعلقة بالقانون النسبيّ نفسه، والصوت التفضيلي بشكل خاصّ وحواصل اللوائح، تماماً مثل حالة وفاة النائب وكيفيّة انتخاب البديل وفق النسبيّة. بيد أنّ هناك حالات من الطعون لا سيّما المقدّمة من شمص قد تحتّم ايجاد بعض المخارج والاجتهادات في هذا المجال على اعتبار ان الأدلّة التي يملكها قويّة جدّاً، فيما تقتصر باقي الطعون على تسجيل موقف لا أكثر".
ريتا الجمّال