كما وعد الرئيس سعد الحريري في أول مؤتمر صحافي له بعد إنتهاء الإنتخابات النيابية بأنه سيكون هناك محاسبة ، وفى الرجل بالأمس بما قال ، إذ أصدر قرار بحلّ هيئة شؤون الإنتخابات والماكينة الإنتخابية اللوجستية في تيار المستقبل .
كذلك أصدر الحريري قرارات بحلّ الهيئات التنظيمية القيادية ( مكتب ومجلس المنسقية ) بصورة عامة في كل من منسقيات بيروت والبقاع الغربي وراشيا والبقاع الأوسط والكورة وزغرتا.
هذه القرارات المباشرة من الحريري بعد الإنتخابات عكست خياراً للرجل ينوي القيام به حتى النهاية ، إذ أنّه من الواضح أن ورشة إصلاحية بنيوية داخل التيار يعزم عليها الرجل لمحاسبة المسؤولين أولاً عن الخسارة الكبيرة التي لحقت بالتيار الأزرق في إنتخابات ٦ أيار النيابية .
وتُعتبر هذه القرارات أولى تداعيات نتائج الإنتخابات ، والأجرأ التي يتخذها رئيس التيار منذ إنطلاق مسيرته السياسية إلى الآن .
ترافقت هذه القرارات مع إستقالة مدير مكتبه الأستاذ نادر الحريري من جميع المسؤوليات التي يتولاّها ، لكن حصل بعض اللغط حول أسباب هذه الإستقالة .
فربطها البعض بأنها إستكمال لقرارات الحريري في محاسبة جميع المسؤولين عن نتائج الإنتخابات ، فيما ذهب البعض إلى قراءة مغايرة تقول بأن إستقالة نادر الحريري مرتبطة بوعود أُعطيت له لتوزيره في الحكومة المقبلة ، وأن يتولّى إما الداخلية أو وزارة الإتصالات .
إقرأ أيضا : الحريري قرر حل هيئة شؤون الانتخابات والماكينة الانتخابية في المستقبل
ملابسات إستقالة نادر الحريري تفتح باب التأويلات على مصراعيه ، وهي إن كانت نوع من فعل المحاسبة الذي يُجريه الحريري بالظاهر ، فهذا يعني أن الموضوع مرتبط بقضية إستقالة الحريري في السعودية .
إذ أن ّ المملكة العربية السعودية غاضبة جدّاً من نادر الحريري وطريقة إدارته لملف الإستقالة حينها ، وتُحمّله المسؤولية في فشل قطف ثمار الإستقالة بطريقة تُفيد مصالحها في لبنان ، وبالتالي يبدو في حال كانت خبرية التوزير كاذبة ، أن الحريري بدأ بإستبعاد كل الشخصيات المغضوب عليها سعودياً لإعادة ترتيب بيته الداخلي مستغلاً ما حصل من نتائج مخيّبة في الإنتخابات .
ما يعني أن المُرشّح الأستاذ غطّاس خوري الذي لم يُحالفه الحظ في الإنتخابات الأخيرة ، سيكون هو الأخير ضحية نتائجها .
إقرأ أيضا : نكسة الحريري
بالمُحصّلة ، إنّ قرار الحريري شُجاع في التوقيت وطريقة حسمه للأمور ، فقرار المحاسبة وبغضّ النظر عن الأسباب الحقيقية ، هو خطوة جميلة ومطلوبة من أحزاب لبنان ، لضخّ الدم الجديد في عروقها كل فترة ، وعدم جعلها أحزاب أو تيارات مُختزلة بشخصيات وقيادات معيّنة ، ما سينعكس لاحقا بطريقة إيجابية على إدارة الدولة ككل.