ها وقد إنتهت الانتخابات النيابية اللبنانية، مع التحفظات على كل ما فيها، وعلى كل ما رافقها من سلبيات، سواء كان متعلقا بشكل القانون أو كان متعلقا بمضمون العملية الانتخابية ومتفرعاتها التحالفية، وإخفاقات المعارضات المتشتتة الممزّقة التي أثبتت فشلها الذريع والمخجل، لأنها لم تستطع التوحد والسبب واضح وهو الفضيحة الكبرى، إذ أنها لا تحمل مشروعا بديلا ولا مشروعا واضحا، بل كانت معارضة من أجل المعارضة.
بعد التسليم بكل هذه السلبيات، التي حاول الاعلام اللبناني أن يخترع مدحا أوروبيا بالعملية الانتخابية، والتي سرعان ما نفى الاتحاد الاوروبي أنه قد علق إيجابا على الانتخابات.
قد أفرزت هذه الانتخابات كتلا نيابية ليست واقعية لأن القانون ليس واقعيا، وهنا نستذكر القول الشهير للامام علي عليه السلام، "كل إناء بما فيه ينضح"، وقد نضح هذا القانون بما فيه، بمساعدة المجتمع الطائفي الذي لا بد من أن ينتج سلطة تشبهه، لأن الدولة هي نتاج مجتمع.
إقرأ أيضًا: لا شرعية لأي قرار ناتج عن الخضوع
ما هي شكل التحالفات الجديدة، وكيف يمكن أن تتشكل في ظل هذه النتائج التي أضعفت البعض وأعطت البعض الآخر قوة فوق قوته، وهذه التحالفات الجديدة هي أساس تشكيل الحكومة الجديدة التي سوف يكون على عاتقها ملفات مهمة وخطيرة، أولها الملف الاقتصادي الذي سوف يتفرع عنه تنفيذ ملفات الوعود التي أطلقتها الاطراف كافة إثناء الخطاب الانتخابي، بدءا بالاصلاح مرورا بالتوظيفات وفرص العمل وصولا إلى سداد الدين البالغ 100 مليار دولار.
صحيح إن ما قبل الانتخابات هو ليس كما بعدها، وهذا يعني أن كل الكلام الذي قيل قبلها سوف يتغير ويُتنصّل منه بناء على الاحجام السياسية الجديدة، وهنا تكمن العقبات السياسية المنتظرة، لأن الحريري الضعيف بخلاف ما كان يتوقع سوف تُفرض عليه شروط الأقوى، وهو في هذه الحالة ليس أمامه سوى أن يقبل أو يرفض أو أن ينصرف إلى إصلاح ما قد أفسده سلوكُه السياسي.
أما قَبوله برئاسة الحكومة وهو ضعيف وبشروط القوي، يعني التسليم ببداية نهاية المشروع الذي كان قد بدأه الشهيد رفيق الحريري وهو يدل على فشل حمل الأمانة، ومرارة هذا الخيار سيكون في عدم قدرته على ممارسة السلطة.
إقرأ أيضًا: الخطاب السياسي اللبناني الهابط ومخاطره
وأما رفضه، وهو الذي نتمناه، بشرط أن يتحوّل إلى معارضة جادة وفاعلة، وتهدف الى إستقامة الحكم، لأن الحكم في لبنان بحاجة إلى معارضة فعالة ومتوحدة وتحمل مشروعا واضحا، وهكذا يمكن أن تتبلور صورة للدولة الصحيحة، ومرارة هذا الخيار عدم وجوده في السلطة .
وأما الثالثة، وهي الانصراف إلى عملية نقد ذاتي لمسيرته السياسية وتحالفاته السياسية، يعني الانكفاء عن الخوض في العمل السياسي المباشر، وإعادة بناء التيار على أساس وطني وليس على أساس مذهبي كما وصل به الحال ومرارة هذا الخيار سيكون في عدم قدرته على إبعاد الفاسدين من حوله.
ثلاثة خيارات مرّة قد جلبها لنفسه بسبب ضبابية رؤيته السياسية، وتذبذباته وتقلباته التي حكمت سلوكه السياسي منذ فترة , ونوعية المستشارين الوصوليين المحيطين به، كان الله بعون الشيخ سعد الحريري.