أضافت شبكات التواصل الإجتماعي منذ إطلاقها قيمة جديدة على مستوى الإتصالات والمعرفة والإعلام والتواصل وغير ذلك، واستطاعت في سنوات قليلة أن تكون مصدرًا أساسيًا في مجال الإعلام والدعاية، كما استطاعت بوسائلها وعناصرها المتعددة التأثير الكبير في الواقع الإعلامي والإجتماعي والسياسي، نظراً لقدرتها الكبيرة على التأثير، ليس في مجال الترفية والفن وحسب، بل في مجالات حياتية كثيرة تتصل بالأفراد والجماعات والسياسية والإعلان والإقتصاد.
وذلك بالتأكيد أمر جيد عندما يكون الهدف منه هذه النقلة النوعية في التواصل والإعلام ومعرفة الحقيقة، ولا شك بأن الإيجابيات كبيرة وكثيرة على هذا الصعيد، إلا أن دراسات عديدة تشير إلى أن الفوائد من انتشار ثورة التكنولجيا هذه توازي أو تكاد تساوي مساوئها، في جوانب عدة منها الأمن الشخصي للأفراد، الأمن الإجتماعي، الدعاية السياسية المفبركة، بث الأضاليل والأكاذيب دون رقيب أو حسيب نظرا للفضاء المفتوح لهذه المواقع.
إقرأ أيضًا: لبنان أمام حكومة من 50 وزيرًا؟
حقائق كثيرة وكبيرة كشفها بعض المؤسسين لشبكات التواصل حيث أكد تشاماث باليهابيتيا، نائب الرئيس السابق لشؤون تنمية أعداد المستخدمين بشركة فيسبوك، أن منصات التواصل الإجتماعي، مثل فيسبوك وتويتر يمكن أن تزيد أواصر الترابط والتقارب بين الناس معا، ولكن في نفس الوقت يمكنها أن تحدث تأثيرًا عكسيًا.
وأعرب باليهابيتيا، خلال حديث أدلى به على هامش مناسبة أقيمت في كلية الدراسات العليا في جامعة ستانفورد، عن قلقه من أن منصات التواصل الاجتماعي أصبحت "أدوات تمزق النسيج الاجتماعي للمجتمعات"، وأكد باليهابيتيا أنه يشعر بذنب كبير لمشاركته في بناء شركة تعمل في هذا المجال .
وبحسب موقع "The Verge" المعني بتأثير التكنولوجيا على الإنسان، استشهد باليهابيتيا بالرسالة المزيفة على واتساب في الهند خلال مايو 2017، التي أدت إلى مقتل 7 أشخاص أبرياء في جريمة بشعة، وأشار إلى أن التكنولوجيا الجديدة أصبحت ذات آثار أكثر قوة ودقة فيما يتعلق بأسلوب التفاعل بين الأشخاص وبعضهم البعض.
واستغلّت الجماعات الإرهابية على مستوى العالم مواقع التواصل الإجتماعي كإحدى أدواتها للتأثير والاستقطاب والدعاية وظهرت مشاهد كثيرة مروعة وخطيرة أدت إلى تغذية الإرهاب وتسويق الفكر التكفيري في أعلى مستوياته، وكذلك الأمر في التحديات السياسية التي نشاهدها بين الجماهير العربية إذ ما زالت وسائل التواصل هذه المنبر الأساسي للتعبير عن الرأي السياسي والتأييد لهذا الزعيم أو ذالك ولهذا الملك أو ذاك ووصل بعض رواد التواصل الإجتماعي إلى التحليل في القضايا السياسية والاجتماعية والتعبير عن الرأي دون أي رادع بما يتضمن ذلك من فبركات وأضاليل تفعل فعلها المسيء في السياسة والمجتمع والأمن.
إقرأ أيضًا: ماذا بقي من الخطاب الإنتخابي غير التحريض؟
وشكلت مواقع التواصل الإجتماعي أخيرًا منبرًا أساسيًا لبث الخبر الكاذب والصورة الكاذبة للتأثير على الرأي العام وتعبئة الجماهير ضد هذه الدولة أو تلك في صراع سياسي وربما طائفي إلى حد كبير، واستطاع هذا الصراع أن يتنقل من منصة إلى أخرى ومن دولة إلى أخرى دون أي رقابة.
ويعتبر المجتمع العربي الضحية الأساسية لهذا التطور لجهة عدم الإستخدام الصحيح وعدم الرقابة الرسمية على هذه المواقع وبالتالي فسح هذا الأمر المجال لتأليب الشعوب على بعضها وعلى حكامها من خلال بث روح الفرقة والتحريض وغير ذلك.
والخطورة تكمن في الإستغلال السياسي المسيء من خلال فبركة الصورة ونشرها بعناوين قد تؤدي في بعض الحالات إلى المزيد من التحريض والخلاف بين أفراد وبين مذاهب وبين دول وغير ذلك.
وقد وصل الأمر أخيرًا إلى فبركة عناوين لإحدى الصحف الرئيسية في الخليج بأسلوب رخيص يبعث على التحريض وتأليب الرأي العام العربي وينذر بمزيد من التوتر والفتنة.