قبل التطرّق إلى الشقّ الغذائي، شدّدت إختصاصية التغذية، كريستال عوكر، لـ «الجمهورية» على «ضرورة التقيّد بمجموعة إجراءات لتسهيل الصوم الممتدّ لأكثر من 15 ساعة، أبرزها عدم التعرّض لأشعة الشمس المباشرة، والحرص على ارتداء الملابس الفضفاضة تفادياً للتعرّق، والابتعاد من الأعمال المُجهدة والرياضة الشاقّة، وتقسيم الحركة خلال النهار بمعدل 10 دقائق 3 مرّات أو 15 دقيقة مرّتين في اليوم، والاستحمام بمياه باردة أو معتدلة السخونة لمدة 15 دقيقة، وأخذ قيلولة نحو نصف ساعة بعد الظهر لاستعادة النشاط وتوفير الراحة للجسم».
كذلك دعت «الصائمين إلى التركيز على المياه خصوصاً خلال هذه الفترة الحارة، بحيث يجب ألّا تقلّ كمية السوائل عن الليترين التي تشمل المياه والشوربة المحضّرة في المنزل الغنيّة بالخضار أو مرقة الدجاج قليلة الملح».
الإفطار
وتحدثت أولاً عن الإفطار، الذي يُعتبر بمثابة وجبة الغداء، فنصحت بـ«شرب كوبين من المياه ببطء قبل تناول أيّ طعام، ثمّ الانتظار قليلاً وتناول 1 إلى 3 حبات تمر للحصول على طاقة سريعة، ثم شوربة سوائل التي يُستحسن أن تكون مرتكزة على الخضار ومحضّرة في المنزل، أو شوربة مرقة الدجاج المنخفضة الملح. أمّا بالنسبة إلى حساء العدس، فصحيحٌ أنّ هذه الحبوب تملك فوائد ثمينة ولكنها لا تزوّد الجسم بالسوائل».
وبعد إجراء هذه الأمور، قالت عوكر إنه «يُفضّل التوقف عن الأكل نحو 15 دقيقة يتمّ خلالها الانشغال في أمور أخرى كالصلاة، أو المساهمة في تحضير المائدة، أو ممارسة حركة خفيفة. وبعد انتهاء المدة، يمكن الاستمتاع بطبق يتألّف ربعه من اللحوم أو الدجاج أو السمك، ونصفه من الخضار خصوصاً الفتّوش لاحتوائها مختلف الأنواع وغناها بالمياه والألياف والفيتامينات، وربعه الأخير من النشويات كالحبوب أو المعكرونة أو الأرزّ».
وحذّرت من «الإفراط في سكب الزيت أو اختيار المأكولات الدسمة لأنّ ذلك يُرهق المعدة خلال عمليّة هضم الطعام. إذا كانت الفتّوش غنية بالزيت يجب عندها تناول لحوم مشويّة، أو إذا كانت اللحوم مشويّة وكمية الزيت في الفتّوش منخفضة، يمكن حينها استهلاك القليل من الطعام المقلي كالسمبوسك أو الكبّة».
وفي ما يخصّ الحلويات، أوصت بـ«الابتعاد منها لافتقارها إلى الفوائد وقدرتها على إرهاق المعدة مساءً. لكن في المقابل هذا لا يعني الامتناع عنها نهائياً، إنما التلذّذ بقطعة صغيرة منها مرّة كل 5 أيام. علماً أنه يُفضّل استمداد المذاق الحلو من سَلطة الفاكهة مع قليل من الجوز واللوز، وليس العصير لافتقاره إلى الألياف».
السحور
وبالانتقال إلى وجبة ما قبل منتصف الليل، التي تُعادل العشاء، أفادت خبيرة التغذية أنه «يمكن تناول حصّتين من الفاكهة، أو حصّة فاكهة مع ساندويس لبنة أو جبنة لتأمين مصادر الكالسيوم خلال اليوم».
وتابعت حديثها: «أمّا السحور، الذي يُعادل وجبة الفطور، فهو ضروري جداً وبالتالي يجب عدم إهماله لأنّ فترة الصوم تدوم نحو 15 ساعة. لذلك من المهمّ تزويد الجسم بمصادر الطاقة والمياه قبل الامتناع عن الأكل. يجب شرب المياه قبل الأكل وبعده، والتركيز على مصادر الكالسيوم كالحليب والأجبان والألبان مع قبعة خبز قمح كامل لضبط معدل السكر في الدم، والمأكولات الغنيّة بالألياف كالخضار وقليل من الفول والحمّص، والابتعاد من الزعتر والبهارات التي تسبب العطش».
ماذا عن مريض السكري؟
وبما أنّ هذا الشهر المبارك يستدعي بشكل عام الانتباه جيداً إلى النظام الغذائي تفادياً لأيِّ ردّات فعل سلبية، فكيف إذاً الأمر عندما يتعلّق بالمصابين بأمراض مُزمنة وتحديداً السكري؟ تعليقاً على ذلك، أكّدت عوكر أنّ «مريض السكري عليه قياس معدل السكر في دمه واستشارة الطبيب أولاً قبل المباشرة في الصوم، وإذا سُمح له بذلك عليه الحذر من أمرين قد يتعرّض لهما: إمّا هبوط السكر في الدم أو ارتفاعه بشدّة الذي يؤدّي على المدى الطويل إلى قصور كِلوي، أو تضرّر شرايين العين الذي يسبب فقدان البصر، أو تلف الأعصاب، أو أمراض القلب».
وشرحت أخيراً أنّ «ارتفاع السكر في الدم يحدث نتيجة الإفراط العشوائي في الأكل عند الافطار بسبب الجوع، في حين أنّ هبوطه يحصل نتيجة طول ساعات الصوم الذي يليه استهلاك المواد التي ترفع معدل السكر في الدم سريعاً، كالعصير أو الخبز الأبيض أو الأرزّ، ليعود وينخفض بعد فترة. لذلك يجب أن تكون النوعية غنيّة بالألياف لتنظيم معدل السكر في الدم. فضلاً عن ضرورة تعديل توقيت تناول أدوية السكري بالتنسيق مع الطبيب».