بعد تجربتهما الناجحة في إعداد ركن الإبداع المخصَّص للأطفال في معرض أبوظبي الدولي للكتاب العامَ الفائت، تعاونت دائرةُ الثقافة والسياحة - أبوظبي مع الكاتبة والناشرة اللبنانية رانيا زغير هذا العام أيضاً في «بحر الحكايا» الذي امتدّ على مساحة 800 متر مصمَّمة خصيصاً للمناسبة.
وكان إلى جانب الفنانين الإماراتيين، فنانون من أقطار العالم العربي كافة ومن بولندا ضيف شرف المعرض وفنانون لبنانيون في ركن الأطفال هذا، فعملت كل من رانيا زغير وكورنيليا كرافت على تصميم مدينة ثلاثية الأبعاد للأطفال مستلهَمة من تراث ألف ليل ليلة وتحاكي ثيماتٍ ثلاثٍ وهي: علي بابا والسندباد وشهرزاد.
عروضٌ لفِرق لبنانية
كان هناك أداءٌ لـ«مجموعة كهربا» اللبنانية لعرض «كان في عصفور عالشجرة» المركّب الذي يتمحور حول «العدّيات» التراثية من خلال الغوص في الموروث الثقافي الإماراتي وتقديمه للأطفال بأسلوب عصري مبتكَر يرسِّخ في أذهانهم تلك العدّيات. وعن مشاركة المجموعة للمرة الثانية على التوالي في المعرض، قال أوريليان زوقي: «في كل مرة نشارك في معرض أبوظبي الدولي للكتاب، نعي مدى حماسة الجمهور هنا إلى خوض التجارب الفنية.
إنّ الأطفال لديهم حشرية كبيرة للأفكار الجديدة المختلفة عن وسائل التسلية الاعتيادية. هذا وقد أتاحت لنا عروضُنا هنا أن نقدّم أعمالنا لجمهورٍ كبير من مختلف الخلفيات الثقافية، واستطعنا رؤية الابتسامات وقد رُسِمت على الوجوه، سواءٌ لدى الأطفال أو الكبار. وهذا خير دليل على ما نؤمن به في «مجموعة كهربا» بأننا جميعاً بحاجة إلى تجارب تحفّز الخيال، تتيح لنا الأحلام وتكبر معنا في أرضية ثقافية مشترَكة».
هذا بالإضافة إلى عرض «مدينة الشمس المفقودة» الذي قدّمته فرقة «أصدقاء الدمى» اللبنانية ويحكي قصة «عيّوق» الذي يشعر بالملل فيحاول مطالعة كتاب، إلّا أنه لا يثير اهتمامه إلى أن يلتقي بكاتب القصة ويُبحرا معاً في عالم شخصياتها.
ورشُ عمل لفنانين لبنانيين
وقد برزت في المعرض ورشُ عمل «الحروف على أشكالها تقع» عن الخط العربي التي قدّمها غالب حويلا، ويقول حويلا إنّ: «الهدف الأساس للورش هو كيفية جعل الأولاد ينظرون إلى شيءٍ جامدٍ أكاديمي، مثل الكتابة، في سنٍّ كهذه، بطريقة جميلة ومُبتكرة بعيدة عن التقيّد بالمعايير الجمالية للخطّ، ومُجرَّدة من المعنى أحياناً. إذ يجب علينا ابتكارُ أسلوبٍ جديد لترسيخ اللغة والتراث في وعي ومدارك الأطفال مواكبين التطوّرَ المضطرد لعقولهم.
وإنّ الأبعاد التي تتّخذها ورشةٌ كهذه تكمن في إعطاء الطفل الحرّية لدمج الأشياء المتناقضة وخلق نافذة جديدة في بحر خياله الإبداعي. وهنا نتكلّم تحديداً عن رسم لوحة فنّية بخطّه الأكاديمي، لا أن نعلّمَه أصولَ الكتابة في سنّ مبكّرة كهذه، لصعوبة الأمر. وطبعاً هناك بُعد آخر ألا وهو تعزيزُ ثقة الطفل بخطّه وتقبّله كما هو دون خوف أو إصدار أحكام على نفسه».
كما وقدّم جاد خوري ورشَ عمل الفن الحضري Urban Art، وقرأت زغير القصصَ بصوتٍ عالٍ، وشارك إيلي أبو جودة ومايكل أنطلكي من خلال ورشةٍ فنية للأطفال بجدارية التميّز المستلهَمة من الشعار الذي اتّخذه المعرض هذا العام، بحيث جُعِل عامَ زايد، عامَ التميّز.
في الندوات
من بين المشاركين أيضاً في معرض أبوظبي الدولي للكتاب، كان لـ«الجمهورية» حديث مع الزميلة أورنيللا عنتر التي شاركت في ثلاث ندوات، أعدّتها برامج متنوّعة ضمن فعاليات المعرض، تناولت الأولى علاقة الكاتب والرسام والدور الذي يلعبه الناشر، والثانية العلاقة بين الصحافة وعالم أدب الأطفال والثالثة حول نوادي القراءة، في هذا الإطار توقفت عنتر عند الأجواء المفعمة بالتفاعل سواءٌ مع الحضور أو مع مقدّمي الندوات، معتبرةً أنّ «التجربة كانت جميلة وغنيّة» فتحت لها أفقاً على أمور أخرى لم تختبرها من قَبل كالحكواتي مثلاً. ورأت أنها منفتحة على الصعيد العربي والعالمي بحيث ضمّ المعرض أناساً من مختلف الجنسيات والخلفيات الثقافية.
هذا وحاورنا أيضاً لانا الحلبي من مكتبة الحلبي التي شاركت في المعرض أيضاً من خلال ندوتين، الأولى بعنوان «الإستحواذ على اهتمام القراء اليافعين» تحدثت فيها من بين موضوعات أخرى عن مبادرة إعادة إحياء مكتبة الحلبي في السنة التي أُغلقت فيها ثلاث مكتبات في ظلّ النظرة العامة السوداوية في العالم العربي بما يخصّ الكتاب. والندوة الثانية كانت بعنوان «نوادي القراءة وتأثيرها في النشر» وتناولت فيها نادي القراءة الخاص بمكتبة الحلبي ونوادي أخرى في بيروت.
الحلبي قالت إنّ «التجربة كانت مثمرة جداً بالنسبة لي شخصيّاً ولمكتبة الحلبي، التقينا بأشخاص كثر أصحاب مبادرات مهمة في عالم الكتب والقراءة سوف يكون لنا معهم تعاونٌ مستقبَلي من خلال مكتبتنا في بيروت»، مضيفةً «كانت لدينا الفرصة لبناء علاقات جديدة والتشبيك مع أصحاب دور نشر إماراتية وعربية متنوّعة، وسنتعاون معها قريباً لتوزيع منشوراتها في لبنان».