إبني عمره 5 سنوات، وهو تعلّم العدّ: واحد، إثنان، ثلاثة، أربعة... خمسة.
"بيروت شيعية"، قال راكبو الدرّاجات النارية في شوارع المدينة، حاملين أعلام "حزب الله" و "حركة أمل". "بيروت شيعية" قالوا، وهم يقصدون "إيرانية، ويتقصّدون تقريشاً ميدانياً سريعاً لفوز لائحة الحزب والحركة والتيار العوني الباسيلي والأحباش، بـ 4 مقاعد من 11، في دائرة بيروت الثانية، مقابل مقعد لفؤاد مخزومي و5 لتيار المستقبل ومقعد لوليد جنبلاط.
إستعراضُ الدراجات "النارية" استبق إطلالة الأمين العام للحزب السيد "حسن نصر الله"، ثم تلاه، كما لو أنّه "Break in" ثم "Break out"، تحدّث السيد بين فاصلي "أوباش" فلحوا أحياء بيروت، خصوصاً ذات الأكثرية السنية، بالاستفزاز والصراخ، من عايشة بكّار إلى قريطم وصولاً إلى "الزيتونة باي".
إقرأ أيضًا: فوز الثنائية الشيعية .. حيّ على الفلاح، حيّ على خير العمل، حيّ على الإصلاح
قال السيد كلمتين فقط في خطاب الانتصار الانتخابي: "بيروت مُقاوِمة".
قالها ثم ترجّل تاركاً المشهد للدّراجات مجدّداً.
"بيروت مقاومة"، قالها "لمن يخافون على عروبة المدينة"، قاصداً خطاب الوزير نهاد المشنوق، ونائب الحزب أمين شرّي، المنتخب في بيروت بثلاثة آلاف صوت تفضيلي أكثر من أصوات الرئيس سعد الحريري، أوضح الصورة: "بيروت عاصمة العروبة والمقاومة، والمعادلة الجديدة هي 45 ألفاً لتحالفنا و65 ألفاً للمستقبل".
"بيروت شيعية"، قالها السيد، ألبس كلمة "شيعية" رداء كلمة "مُقاوِمة"، وقصد: "إيرانية"، وشرّي أوضحها: "بيروت لنا ولكم"، أما العشرون ألفاً التي تفصل بين 45 و65، فملأ فراغها الانتخابي سائقو الدراجات النارية، الذين أكّدوا للبيروتيين أنّ قريطم وعايشة بكّار والزيتونة باي، "قاب درّاجتين أو أدنى"، وكلّها تبعد مئاتٍ قليلة من الأمتار عن السراي، حيث رئاسة الحكومة، وعن بيت الوسط، المنزل العائلي والسياسي للرئيس سعد الحريري.
منذ سنوات، قرّر بعض أصدقاء لبنان أن يتركوا بيروت لمصيرها وأن يبتعدوا عن لبنان، أرادوا أكل بلح الشام وعنب اليمن، ومعاقبة الناطور اللبناني، وكلّنا نعرف أن أكل العنب أهمّ من قتل الناطور، لكنّ البعض لم يطَل بلح الشام، ولا عنب اليمن، بل وحاول قتل ناطور لبنان.
إقرأ أيضًا: نصر الله يتودّد لفقراء إيران ... ولمقاتليه المُعدَمين: راتبي 1300 دولار
"بيروت إيرانية"، قالها المنتصرون في الانتخابات وهي، بحسب قادة إيرانيين، "العاصمة الرابعة" التي تسيطر عليها "ولاية الفقيه".
الرابعة، وقد تركها محبّوها ومحبّو لبنان نهباً للدرّاجات النارية ولاجتياح الحزب لشرعية تمثيلها البرلماني. تماماً كما تركوا الشيعة المعترضين على الحزب أيتاماً بلا حضن لبنانيّ ولا عربي ولا دولي. حضنٌ كان يمكن أن "يعادل" المشهد، عبر اختراقات، وإن طفيفة، في الجنوب وبعلبك – الهرمل.
الحاصلو.
قبل أن يعدّ الواحد منّا إلى 10، لا بدّ أن يمرّ بالـ 4، وبعد الـ4، يأتي الرقم 5.
إبني عمره 5 سنوات، ويعرف هذه الحقيقة، ويعرف أنّه بعد الرقم 5، يأتي الرقم 6.
"بيروت إيرانية"، وبالانتخابات ورقمها 4 والذين يعدّون العصي، ليسوا أفضل من الذين أكلوها.