لا زلتُ أذكر جيداً عندما قصدت شوارع بيروت بعد ظهر 20 تشرين الأول من العام 2016، عقب ترشيح رئيس تيار المستقبل النائب (في حينها) سعد الحريري رئيس التيار الوطني الحر ميشال عون لرئاسة الجمهورية، لأستطلع آراء الشارع السني حول هذا الترشيح... يومها كان الامتعاض واضح المعالم وعالي النبرة في شوارع البسطة، طريق الجديدة، المصيطبة وراس النبع. وكانت الوعود بمحاسبة الحريري في صناديق الاقتراع دَيناً في رقاب هؤلاء أوفوه للرئيس الحريري في 6 أيار.
كان أهالي بيروت أوفياء، لكن هذه المرة لوعودهم وليس لأسطورتهم الزرقاء، كانوا أوفياء لمبادئهم الثابتة التي كانت متحركة عند زعيمهم في المرحلة الأخيرة، كانوا أوفياء لدم رئيس الحكومة الشهيد الحريري الذي علمهم الوفاء لقناعاتهم قبل أي اعتبار. وفاء انعكس أرقاماً موجعة في الشارع السني في مختلف المناطق تأتي في مقدمتها بعد بيروت طرابلس (عرين المستقبل الثاني).
خسارة مدوية سُجلت بحق تيار المستقبل، وبعدما تمتع لفترة 9 سنوات بالكتلة النيابية الأكبر، إذ كانت تقدر بـ36 نائباً، انزلقت هذه النسبة إلى 16 دفعة واحدة، فلم يبقى للحريري إلا كتلة مؤلفة من 20 نائباً هم سعد الحريري، نهاد المشنوق، تمام سلام، رولا الطبش، ونزيه نجم في بيروت الأولى.
بالإضافة إلى عاصم عراجي في زحلة، محمد القرعاوي في البقاع الغربي، حسين صلح في بعلبك الهرمل، وليد البعريني، محمد سليمان، طارق المرعبي، هادي حبيش، وخضر حبيب في عكار، سمير الجسر، محمد كبارة، وديما جمالي في طرابلس، عثمان علم الدين في المنية، سامي فتفت في الضنية، محمد الحجار في الشوف، وبهية الحريري في صيدا.
يفنّد المحلل السياسي الياس الزغبي أسباب فشل تيار المستقبل بحفظ ماء وجهه في مجلس النواب الجديد، ويرى في حديثه لـ"ليبانون ديبايت" أن السبب الأول هو عدم الإقبال في البيئة السنية على الاقتراع. ويعتبر هذا الانكفاء رسالة بحد ذاتها للحريري تنمّ عن عدم رضى هذه القاعدة السنية على التحالفات التي نسجها منذ أكثر من عامين، منذ أن سمى النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، ومن ثم تحول إلى تسمية عون، وصولا إلى تشكيل حكومة على هذه المصلحة الثنائية بين التيارين الأزرق والبرتقالي.
والسبب الثاني هو "السكوت المتمادي عن تمادي (حزب الله )في خرق سياسة النأي بالنفس، فقد استقال الحريري وعاد عن استقالته تحت شعار النأي بالنفس الفعلي، وإذ بهذا النأي بالنفس الفعلي لم يكن سوى دخان خادع لتغطية انغماس وانخراط (حزب الله) في أزمات المنطقة، بل أكثر، استقدام قيادات ميليشياوية إلى جنوب لبنان خلسة ومن دون معرفة الدولة".
هذا الأداء من (حزب الله)، بحسب الزغبي، تغاضى الحريري عنه تحت شعار الحفاظ على الاستقرار والاعتدال وشعار التسوية السياسية التي تحولت من تسوية لمصلحة الاستقرار الفعلي في لبنان إلى غطاء يتحرك حزب الله تحته على كيفه، وبحرية مطلقة من دون أي مراقبة أو محاسبة من قبل رئيس الحكومة.
"هذه الاسباب مجتمعة تراكمت عند الوجدان السني تحديدا، ما أدى إلى ذهاب قسم منها باتجاه قوى سياسية أخرى محسوبة على النظام السوري، وفئة أوسع اكتفت بالتعبير السلبي عن رفضها لهذه التحالفات وهذا الأداء السياسي".
وأسباب أخرى إضافية أدت إلى هذه النتيجة، منها الأداء السيئ في الحكومة وهو رئيسها، التغافل عن متطلبات الناس اليومية والحياتية، وعدم القدرة المالية التي كانت له في مراحل سابقة، وفقاً للزغبي.
وأكد المحلل السياسي أن المشكلة الكبرى لدى المستقبل كانت في الارتباط العميق بينه وبين التيار العوني، وهو في الحقيقة شكّل الرافعة التي أدت إلى خسارته، "بمقدار ما عوّم الوطني الحر من خلال الدفع بالمجيء برئيسه رئيساً للجمهورية بمقدار ما غرق هو".
لا زلتُ أذكر جيداً عندما قصدت شوارع بيروت بعد ظهر 20 تشرين الأول من العام 2016، عقب ترشيح رئيس تيار المستقبل سعد الحريري رئيس التيار الوطني الحر ميشال عون لرئاسة الجمهورية، لأستطلع آراء الشارع السني حول هذا الترشيح... يومها كان الامتعاض واضح المعالم وعالي النبرة في شوارع البسطة، طريق الجديدة، المصيطبة وراس النبع، وكانت الوعود بمحاسبة الحريري في صناديق الاقتراع دَيناً في رقاب هؤلاء أوفوه للرئيس الحريري في 6 أيار.
كان أهالي بيروت أوفياء، ولكن هذه المرة لوعودهم وليس لأسطورتهم الزرقاء، كانوا أوفياء لمبادئهم الثابتة التي كانت متحركة عند زعيمهم في المرحلة الأخيرة، كانوا أوفياء لدم الرئيس الشهيد الحريري الذي علمهم الوفاء لقناعاتهم قبل أي اعتبار، وفاء انعكس أرقاماً موجعة في الشارع السني في مختلف المناطق تأتي في مقدمتها بعد بيروت طرابلس (عرين المستقبل الثاني).
خسارة مدوية سُجلت بحق تيار المستقبل، وبعد أن تمتع لفترة 9 سنوات بالكتلة النيابية الأكبر، إذ كانت تقدر بـ36 نائباً، انزلقت هذه النسبة 16 نائباً دفعة واحدة، فلم يبقى للحريري إلا كتلة مؤلفة من 20 نائباً هم "سعد الحريري، نهاد المشنوق، تمام سلام، رولا الطبش، ونزيه نجم في بيروت الأولى. عاصم عراجي في زحلة، محمد القرعاوي في البقاع الغربي، بكر الحجيري في بعلبك الهرمل، وليد البعريني، محمد سليمان، طارق المرعبي، هادي حبيش، وخضر حبيب في عكار، سمير الجسر، محمد كبارة، وديما جمالي في طرابلس، عثمان علم الدين في المنية، سامي فتفت في الضنية، محمد الحجار في الشوف، وبهية الحريري في صيدا".
يفنّد المحلل السياسي الياس الزغبي أسباب فشل تيار المستقبل بحفظ ماء وجهه في مجلس النواب الجديد، ويرى في حديثه لـ"ليبانون ديبايت" أن السبب الأول هو عدم الإقبال في البيئة السنية على الاقتراع. ويعتبر هذا الانكفاء رسالة بحد ذاتها للرئيس الحريري، تنمّ عن عدم رضى هذه القاعدة السنية على التحالفات التي نسجها منذ أكثر من عامين. منذ أن سمى النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، ومن ثم تحول إلى تسمية عون، وصولا إلى تشكيل حكومة على هذه المصلحة الثنائية بين التيارين الأزرق والبرتقالي.
والسبب الثاني هو "السكوت المتمادي عن تمادي (حزب الله) في خرق سياسة النأي بالنفس، فقد استقال الحرري وعاد عن استقالته تحت شعار النأي بالنفس الفعلي، وإذ بهذا النأي بالنفس الفعلي لم يكن سوى دخان خادع لتغطية انغماس وانخراط (حزب الله) في أزمات المنطقة، بل أكثر، استقدام قيادات ميليشياوية إلى جنوب لبنان خلسة ومن دون معرفة الدولة".
كل هذا الأداء من (حزب الله)، بحسب الزغبي، كان الحريري يتغاضى عنه تحت شعار الحفاظ على الاستقرار والاعتدال وشعار التسوية السياسية التي تحولت من تسوية لمصلحة الإستقرار الفعلي في لبنان إلى غطاء يتحرك (حزب الله )تحته على كيفه، وبحرية مطلقة من دون أي مراقبة أو محاسبة من قبل رئيس الحكومة.
"كل هذه الاسباب مجتمعة تراكمت عند الوجدان السني تحديدا، ما أدى إلى ذهاب قسم منها باتجاه قوى سياسية أخرى محسوبة على النظام السوري، وفئة أوسع اكتفت بالتعبير السلبي عن رفضها لهذه التحالفات وهذا الأداء السياسي".
وأسباب أخرى إضافية أدت إلى هذه النتيجة، منها الأداء السيئ في الحكومة وهو رئيسها، التغافل عن متطلبات الناس اليومية والحياتية، وعدم القدرة المالية التي كانت له في مراحل سابقة... وفقاً للزغبي.
وأكد المحلل السياسي أن المشكلة الكبرى لدى المستقبل كانت في الارتباط العميق بينه وبين التيار العوني، وهو في الحقيقة شكّل الرافعة التي أدت إلى خسارته، "بمقدار ما عوّم الوطني الحر من خلال الدفع بالمجيء برئيسه رئيساً للجمهورية بمقدار ما غرق هو".