أثار البيان الصادر من المرجع الشيعي الأبرز آية الله السيد علي السيستاني الذي ألقاه ممثله من على منبر صلاة الجمعة في كربلاء انتباه الرأي العام في العراق حيث أن البيان يحمل دلالات ورسائل عدة أهمها التأكيد على القيم السياسية التي أنجزها الحداثة الغربية التمسك بالتعددية السياسية وتداول السلطة والاحتكام الى صناديق الاقتراع ورفض الحكم الفردي واعتبار المشاركة السياسية حقا فرديا لجميع المواطنين.
استأنف السيستاني خلال بيانه الأخير هجومه على كتلة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي بالقول " إن التجارب الانتخابية السابقة اتسمت بالفشل وكثير من الذين انتخبوا او عينوا في مناصب عليا في الحكومة اساءوا استخدام سلطتهم وشاركوا في نشر الفساد وتبديد المال العام. "
وبطبيعة الحال رحبت مختلف التيارات والكتل النيابية واللوائح الانتخابية ببيان المرجع الشيعي الأعلى السيد السيستاني وعلى مقدمتهم رئيس الوزراء حيدر العبادي الذي أعلن دعمه الكامل للتعليمات التي قدمها المرجع الديني الاعلى في صلاة الجمعة.
إقرأ أيضا : فيتو من السيستاني على مرشح إيران لرئاسة حكومة العراق
ولكن اللافت هو رد ائتلاف دولة القانون الذي يقوده نوري المالكي على بيان السيستاني حيث أن الائتلاف على لسان عباس الموسوي المتحدث الرسمي باسمه "رحب ببيان السيد السيستاني وخطبة المرجعية والتي تضمنت توجيهات وارشادات قيمة ستكون نبراسا لجميع ابناء الشعب العراقي من مختلف مكوناته وانتماءاته السياسية" متجاهلا كون بيان السيستاني موجها ضد المالكي الذي ترك تاريخا سيئا للحكومة في العراق.
فضلا عن ان ترحيب ائتلاف المالكي ( دولة القانون) ببيان السيستاني يتناقض موقف المالكي من تعليماته في 2014 عندما أغلق المرجع الأعلى باب منزله أمام اي مسؤول حكومي وطالب المواطنين المزيد من الدقة والتمحيص لتمييز المرشحين الصالحين عن الفاسدين.
وكان المالكي وقتها يشعر بأن تعليمات السيد لا تصب لمصلحته وإنما هي عليه ولهذا طالب بعض المرجعيات الدينية من غير العراقيين الى عدم التدخل في الشؤون العراقية مضيفا أن "هذا الأمر وعلى الرغم من احترامنا بهم غير مقبول".
إقرأ أيضا : فتوى السيستاني: دور سليم في الزمن الخطأ
وبعد نشر موقف المالكي من السيستاني وقف مراجع آخرون بجانب السيستاني ومنهم السيد محمد سعيد الحكيم والشيخ الفياض والشيخ بشير النجفي مبدين استياءهم من موقف المالكي.
فماذا حدث في الأيام الأخيرة حتى يرحب المالكي بتحذير السيستاني الشعب العراقي من عودة الفاسدين الى الحكم، ويعتبر بيانه تعليمات لجميع الشعب بينما كان يرفض تدخل المراجع غير العراقيين في الشؤون العراقية غير مقبول علما بأن السيستاني لا يحمل جنسية عراقية وإنما بقي على جنسيته الإيرانية.
هل غير السيستاني جنسيته منذ 4 سنوات وأصبح عراقيا؟ أم أن المالكي يرى نفسه عاجزا عن مواجهة مرجع ديني إيراني لا يقل وطنيته العراقية عن وطنية المالكي واعضاء ائتلافه.
هل يمكن اعتبار تعليمات ونصائح السيستاني تدخلا في الشؤون العراقية الداخلية ام انها كلمات تتجاوز الحدود والاقطار والأزمان وبل انها دروس الديمقراطية الحقيقية التي ينبغي تطبيقها في جميع بلدان العالم.
السيستاني لا يريد السلطة ولا يملك أي آلية قانونية للتأثير على السلطة وإنما يعبر عن رأيه للملايين من مناصريه فيما يتعلق بالانتخابات والمسار السياسي.