رفع حزبيو الشيعة شعاران لا ثالث لهما واحد للحزب عليه صورة السيّد وأحيطت بكلمة نحن معك كي لا تهرب الصورة وتضيع الجملة التي تختصر ولاءًا لرمز واحد والآخر للحركة وعليه صورة بري وكتب فوقها وتحتها مننتخبك بالدم كرسالة أبعد من صوت إنتخابي الى من يريد استبعاد الرئيس عن المجلس وهي ذات مغزى شيعي لمن يحاول سرقة الطائفة لصالح اتجاه دون آخر بعد جملة محاولات لطمس دور الحركة في التاريخ الشيعي وخاصة في تجربة المقاومة .
هذان الشعاران يلتقيان انتخابياً لكنهما يسقطان أرضاً بعيد الانتخابات كونهما يشيران بوضوح الى حصر القيادة في شخص واحد فنحن معك دون غيرك ونحن ننتخبك بالدم أي بأغلى ما نملك لك وحدك ودون غيرك لأن الصورة واحدة و الجملة واحدة لا تحتمل إحداهما ضماً لبعضهما البعض لغياب الثنائية في التجربة وفي الفهم الشيعي ( اذا كنتم ثلاثة فأمّروا أحدكم ) .
لا أحد يُنكر وجود هذا التباين الواقعي و الفعلي داخل جمهور الثنائي رغم حرص المعنيين على توكيد صلة ما بين الرئيس و السيّد في قيادة مكملة لبعضها البعض وهذا ما دفع بالجهات المنظمة للتعامل والتعاون الانتخابي الى تعميم صورتيّ الرئيس و السيّد فوق رأس كل مرشح من الحزب و الحركة وقد بذلت الطابعة الاعلامية للحزب جهداً كبيراً لملء الأمكنة بصورتي الرئيس و السيّد في المناطق كافة للدلالة على القيادة الثنائية للطائفة للتخفيف من توترات لها مبرراتها في الساحات الشيعية الداخلية .
إقرأ أيضا : رئيس الجمهورية اللبنانية .. اللاعب الأقوى في لعبة الإنتخابات النيابية
لهذا كان للرئيس بري حصّة في كل حصّة من خطب السيّد الانتخابية ليس من باب المراعاة للشريك الأقوى بل لسدّ الثغرات والذرائع بغية المحافظة على وحدة داخلية مطلوبة لخوض العملية الانتخابية بصف مرصوص وكيّ لا يتم اللعب بالصوت التفضيلي فتفتضح ساعتئذ هشاشة التحالف و التفاهم بانحياز الجمهور الحزبي للمرشح الحزبي ويبدو أن الصوت التفضيلي سيحدث هذه البلبلة لعدم قدرة الجهات التنفيذية على ضبط الموضوع الذي سيخرج عن إرادة التفاهم المسبق في كيفية توزيعه نتيجة لخوف وعدم وثوق في نيّات موجودة وسلبية تجاه بعض المرشحين ممن لهم تجارب غير مرضية لجمهور فوق التكليف ودون الالتزام بالأوامر التنظيمية .
لقد برزت في بعض قرى الجنوب مشاهد تعكس هذه الرؤية بانزواء الحزب والحركة في مكاتب انتخابية غير مشتركة نتيجة لخلافات و تصادمات متصلة بالمجال الانتخابي وبطبيعة الحسابات الداخلية في المدن والقرى وكيفية التعامل معها بعدم مراعاة حقوق الغير وهذا ما أدّى الى خلل ما دفع الى لجوء كل طرف الى فك ما هو مشترك معه من الدكان الانتخابي الى الدوريات السيّارة المحتفلة بالنصر قبل حدوثه من خلال تثبيت المذياع على أغاني محصورة بالرئيس بري بالنسبة للحركة و أخرى محصورة بالسيّد بالنسبة للحزب وثمّة من حصر غابات الرايات الحزبية بالخضراء دون الصفراء والعكس صحيح أيضاً محافظة منهم على نفوذهم داخل البلدات .
إقرأ أيضا : سجال باسيل - الخليل قبل الصمت الإنتخابي ... صورة مُصغّرة لمرحلة ما بعد الإنتخابات
هذا الشكل في الفلكلور العفوي أو المنظم يعكس ظاهرة الاختلاف بين حجمين لا يمكن دمجهما في إطار واحد لصعوبة في التركيب من جهة ولصعوبة في المزاج إذ لكل من الثنائي طعماً ورائحة مختلفة ولا يمكن فرض ما لا يُفرض كيّ تؤكد الجهات الضابطة للخلاف على وحدة شيعية هي حادة ضدّ الآحر وأكثر حدية ضدّ بعضها البعض كونها قد خضعت لأسوء العلاقات وثمّة من يمتحنها في الحكومة القادمة وفي المؤسسات الأخرى فاذا ما طالب الحزب بتوسعة ملاكه في الوزارات السيادية وفي الوظائف ثمّة دعوة لفكّ عرى التحالف المربوط بحبل السلطة وهذا ما سيفضي الى تمزيق صورة الوحدة الداخلية واللحمة الثنائية وعندها لن تنفع مراهم المدواة للجروح التي ستنكأ من جديد و التي ستجرح بسكين السلطة التي لا تُحاصص و لايمكن التسليم بتوزيعها أو المشاركة فيها لعصيانها على ذلك لأنها ملك عضوض .