أولاً: إنتخابات العداوات والمال...
في هذه الإنتخابات التي امتدت طوال الشهور الماضية، والتي استُعملت فيها المكائد والاباطيل، وارتُكبت فيها كافة الموبقات، ترشيحاً وتأليفاً وتحالفاً وتخاصماً وعداوات، مع الأموال التي أُغدقت لشراء الضمائر-الأصوات، والأموال التي بدّدتها الخزينة العامة لتغطية نفقات هذه "الهمروجة" الكاذبة، حتى عنّ للبعض القول: ليتهم مدّدوا لأنفسهم مرّةً رابعة ، فهذا أقلّ كلفة ومجلبة للهمّ والغمّ.
إقرأ أيضا : سجال باسيل - الخليل قبل الصمت الإنتخابي ... صورة مُصغّرة لمرحلة ما بعد الإنتخابات
ثانياً: إنتخابات شيطانية...
غداً، في هذه الإنتخابات، ضيفٌ ثقيل الوطأة سيكون حاضراً بالغد لمتابعة العملية الانتخابية من أولها لآخرها، والتي على ما يبدو، لن تتمخّض عن جديد في مسيرة بناء الدولة ومؤسساتها ومكافحة الفساد، سيكون حاضراً ليواصل عمله الذي بدأهُ مع هذه الطبقة السياسية منذ أكثر من ربع قرن، سيواصل عمله مُتنكّراً في إيجابية زائفة، سيكون غداً صاحب الكلمة العليا، سيغوي المترددين، وينزع إرادة الضعفاء والمساكين، سيظهر كما ظهر أول مرة لسيدنا آدم، محافظاً على قوّته وجبروته، مُتحدّياً الإله وخليفته الإنسان البائس، غداً سيُفهم الإنسان-الناخب أنّه مسلوب الإرادة، وما هو إلاّ كائن ارتكاسي (نقيض الإنسان-الفاعل)، سينفي عن الناخب مقدرته واستقلاليّته،وستظهر أحابيله في ترويض هذه الجموع في منظومات ارتكاسية، أي خاضعة وخانعة.
عند المساء، سينسحب ليترك الأمر لجوقة "المثقّفين"، كي يُتابعوا عمله بإخلاصٍ وكدّ، ذلك أنّ الثقافة كانت قد فقدت معانيها ومدلولاتها وسُموّها منذ زمنٍ طويل، فهي يا ويلاه، مأسورة بيد قوى أجنبية ذات طبيعة مختلفة عن الثقافة والإبداع والتّحرُّر، وبدل أن تُعمّق وعي المواطن وتُزيّنه بالفرح والحبور والأمل والانعتاق، باتت منهمكة في نشاطاتٍ تُشوّه جُهده وإنتاجه، منهمكة في صناعة تاريخ يختلط بالانحطاط الثقافي والحياتي، ثقافة تُقدّم الناس كسُلالات وشعوب وطبقات وكنائس ومساجد وحسينيات ودُول، ومن ثمّ "تُطعّم" هذه الشعوب بمنظمات اجتماعية، وجمعيات وطوائف ذات سمة ارتكاسية، وطُفيليات جاهزة لتغطيتها ومصّ دمها، وهكذا تنتظم هذه الشعوب فيما يُسمّيه الفيلسوف الألماني نيتشه "قطعانا".
غداً، انتخابات شيطانية، إلاّ ما رحم ربُّك.