بعد 9 أعوام على آخر انتخابات نيابية شهدها، وبتأخير 5 أعوام عن موعدها الذي أرجأته 3 عمليات تمديد، يتحوّل لبنان غداً من أقصاه الى أقصاه «صندوقة اقتراعِ» تختزنُ كل عناصر «الصراع الاستراتيجي» الذي «يقبض» على البلاد منذ العام 2005 والذي صارتْ له أبعادٌ أكثر اتساعاً مع انفجار «حرب النفوذ» في طول المنطقة وعرْضها، وأيضاً «الحروب الصغيرة» التي تدور بين الأطراف السياسية على الأحجام في لعبة السلطة وإدارة الحُكم.
3 ملايين و746 ألفا و 483 ناخباً أُدرجوا على لوائح الشطب، مدعوون غداً الى الاختيار بين 597 مرشحاً (توزّعوا على 77 لائحة مقفلة) يتنافسون على 128 مقعداً برلمانياً يتقاسمهم مناصفة المسيحيون والمسلمون… ناخبون صاروا في الأسابيع الماضية هدفاً للقوى السياسية التي استخدمتْ «الأسلحة الانتخابية» من مختلف «الأعيرة»، الإعلامية والدعائية والمنبريّة وحتى «المحرّمة»، في محاولة لاستقطاب العدد الأكبر من الناخبين الى صناديق الاقتراع في «الأحد الكبير» غداً الذي سيدشّن مرحلة جديدة في لبنان لاحتْ مؤشراتٌ الى انها قد تكون محكومةً بـ «صندوقة مفاجآت»… غير سارّة.
2.391.943 مسلماً (1.085.146 سنّة و1.068.274 شيعة و206.894 دروزاً و31.629 علوياً) بنسبة 63.85 في المئة، و1.334.510 مسيحيين بنسبة 35.62 في المئة (725.535 موارنة، 257.713 ارثوذكس و172.450 كاثوليك، و87.679 أرمن ارثوذكس و19.566 ارمن كاثوليك و19.016 انجيليين و30.681 سريان و21.870 اقليات) اضافة الى 4.704 يهود (غالبيتهم الساحقة هاجرت لبنان ومن بقي يعيش القسم الأكبر منهم متخفياً) و15.326 «مختلفا»… جعلتْهم انتخابات 2018 محطّ أنظار الداخل كما الخارج باعتبار أن في أصواتهم واقتراعهم سيُسمع صدى مرحلة آتية تُقارِع تحدياj ما فوق عادية في المحيط الذي تُقرع فيه طبول حرب إسرائيلية – إيرانية يُخشى ان يجد لبنان نفسه في «عيْنها».
وتقف كل القوى غداً أمام امتحان مزدوج، الأول تحقيق «سلّة الأهداف» التي رسمتْها وترجمة «النتائج الافتراضية» للماكينات الانتخابية، والثاني النجاح في «تكييف» الماكينات كما الناخبين مع القانون الجديد للانتخاب الذي يعتمد النسبية للمرة الأولى في تاريخ لبنان في 15 دائرة تم تقسيم البلاد اليها (تتألف غالبيتها من أكثر من قضاء إداري) بحيث تُحتسب على أساسها الحواصل الانتخابية (الحد الأدنى لتمثيل كل لائحة بمقعد وما فوق ويتحدد بقسمة عدد المقترعين في كل دائرة على عدد مقاعدها) ولكن على ان يكون الصوت التفضيلي الذي يعطيه الناخب محصوراً بمرشّح من القضاء نفسه.
… هو قانون «أول مرة» من حيث اللوائح المطبوعة سلفاً ايضاً والذي استحقّ أرقاماً قياسية من حيث «الألقاب» التي أعطيتْ له، من «الهجين»، الى «قانون الخنجر» وقانون «سفاح القربى» و«قانون الغدر»، واستحضر معه اللبنانيون «اينشتاين» في تعبيرٍ عن صعوبة تفكيك شيفرته المعقّدة التي استعصتْ حتى على بعض القادة السياسيين. علماً انه ينصّ على فوز اللوائح بعدد مقاعد مواز لعدد الحواصل الانتخابية التي ستؤمنها في كل دائرة، على ان يجري بعد تحديد عدد المقاعد اختيار المرشحين الفائزين استناداً إلى عدد الأصوات التفضيلية التي حصل عليها كل مُرشّح وإسقاط نتائجها على المقاعد طائفياً ومذهبياً تحت السقف المحدّد لكل لائحة.
… ساعاتٌ تفصل لبنان عن اتضاح نتائج أسابيع تحوّلت معها البلاد «سوق عكاظ» من شعارات وحملات، وغابة صور سكنت الأعمدة والساحات، ومهرجانات استوطنت الشاشات، وماكينات طاردت الصوت التفضيلي حياً حياً.