قال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يوم أمس كلمته ومشى: سنحاول ايجاد حل لمشكلة النازحين السوريين بمعزل عن رأي الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي لأنها مسألة وجودية وتتعلق بأمن لبنان واستقراره وسيادته. أبلغ الرسالة بوضوح وحزم لرئيسة بعثة الاتحاد الاوروبيّة لمراقبة الانتخابات ووفد من البرلمان الأوروبي بعدما كان قد أبلغها بأسلوب دبلوماسي أكثر بوقت سابق لسفراء الدول الكبرى، ولعدد من رؤساء الدول الذين التقاهم في مناسبات مختلفة العام الماضي. لكن ما استدعى اعتماد لهجة جديدة، فالتلكؤ الدولي وعدم التجاوب مع الرغبة اللبنانية بتحريك ملف النازحين، واقترابنا من ساعة الصفر التي حددها الرئيس عون مباشرة بعد الانتخابات النيابية وتشكيل الحكومة الجديدة، للتعامل بشكل نهائي مع الموضوع وبمعزل عن تمنيات او مخططات الامم المتحدة والمجتمع الدولي.
وقد حسم رئيس الجمهورية أمره بأن تكون أولوية أولويات الحكومة المقبلة ملفّ النازحين، على أن يتم حلّه بالتي هي أحسن، من دون أن يعني ذلك، بحسب مصادر قريبة من الرئاسة الأولى، ان يكون لبنان بصدد طردهم وترحيلهم القسري دفعة واحدة. وتتحدث المصادر عن "أفكار وحلول لا تزال قيد الدرس يتطرق بعضها للتواصل المباشر مع الدولة السورية او مع منظمات محدّدة معنية بتنظيم العودة على دفعات للراغبين بالعودة الى بلادهم".
وتؤكد المصادر ان 80% من الاراضي السورية باتت آمنة وأن 16 محافظة من أصل 18 تنعم بالأمن، "وبالتالي يجب تشجيع الراغبين بالعودة الى هذه المناطق وليس تخويفهم، وهي المهمّة التي تتولاها الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي مؤخّرا، وهو ما ظهر جليا في البيان الذي صدر عن مؤتمر بروكسل الذي تحدّث أيضا عن وجوب السعي لدمج النازحين في المجتمعات، تأمين فرص عمل لهم وأصر على العودة الطوعيّة". وتضيف: "لقد اكتوينا من التجربة الفلسطينية التي لا نزال نتحمّل تبعاتها منذ العام 1948، لا سيّما وان معظم الحلول المطروحة حاليا لهذه القضية لا تلحظ اللاجئين. كما ان هناك التجربة التركية–القبرصية التي لا تزال أمامنا، وهو ما يؤكد ان الحلول للأزمات السياسية تطول ونحن لم يعد لدينا القدرة على تحمل تداعيات أي أزمة جديدة بعدما بلغت نسبة البطالة بين الشباب اللبناني 46% اضافة لارتفاع نسب الجرائم وتضخم أعداد المساجين"...
وتشير المصادر الى ان "مواصلة المجتمع الدولي تقديم مساعدات للنازحين السوريين المتواجدين في لبنان تطرح أكثر من علامة استفهام حول السبب الذي يمنعه من تحويل هذه المساعدات اليهم وهم يتواجدون في مناطقهم في سوريا، خصوصًا وان قسما كبيرا منهم عاد اصلا الى بلده ولكنه قبل نهاية الشهر يعود الى لبنان لاستلام المساعدات قبل ان يعود أدراجه من جديد الى سوريا، وهذا ما تؤكده الأرقام لدى الامن العام، بحيث يرتفع عدد القادمين من سوريا نهاية الشهر كما المغادرين بعد يوم أو يومين من بداية الشهر الجديد".
وبالرغم من وجود قرار رئاسي حاسم في هذا المجال، الا ان مواقف باقي الرئاسات والقوى السياسيّة لا يزال غير محسوم تماما في هذا الشأن، رغم التأييد العلني الذي نسمعه لـ"العودة الى المناطق الآمنة" مع اشتراط أن ترعى الأمم المتحدة هذه العودة. ومن هنا سيكون علينا تخطي استحقاق تشكيل الحكومة بعد الانتخابات للانصراف لمعالجة هذا الملفّ الذي تؤكد المصادر انه سيتم حسمه قبل بداية العام 2019.