إنشغلت الاوساط الاعلامية العربية منذ أيام بإعلان المملكة العربية السعودية عن اكتشاف خلية تجسس على أراضيها حيث تم اعتقال افرادها من بينهم مواطن لبناني لم يتم الكشف عن اسمه حتى الآن , وكانت دولة الإمارات العربية المتحدة أعلنت فيما سبق عن اعتقال مجموعة من اللبنانيين أيضا يعملون في شبكة تجسس قيل انها تابعة للجمهورية الاسلامية الايرانية واتهموا حينها بخطف معارض إيراني وتسليمه للسفارة الإيرانية في الإمارات وعلى أثر ذلك تم إبعاد عدد من المغتربين الشيعة الذين يعملون في الإمارات وقد أخذت هذه القضية أبعادا سياسية وطائفية عديدة في لبنان لكن أحدا لم يستطع معالجة أمر الإبعاد نظرا لوجود ادلة مؤكدة على تورط عدد من اللبنانيين الشيعة في العمل الاستخباري وزعزعة أمن الإمارات .
وفي هذا السياق تأتي أيضا قضية القيادي في حزب الله علي موسى دقدوق الذي سلمته القوات الامريكية إلى العراق لمحاكمته حيث كان متمها بقتل مواطنين أمريكيين وتدريب مقاتلين شيعة في العراق ولكن سرعان ما أفرجت عنه السلطات العراقية بعد تدخلات من قيادة حزب الله في لبنان .
والمعروف أن علي موسى دقدوق كانت اعتقلته القوات الامريكية في العراق بعد دخوله العراق بشكل غير شرعي واتهامه بمحاولة قتل امريكيين وعراقيين واعتبرت أوساط عراقية سياسية وقانونية أنه لا يوجد أي مسوغ قانوني لإطلاق سراح "مجرم" كدقدوق، وهو الذي اعترف بأنه دخل العراق لقتل السنة، واعتبروا ذلك جريمة قتل منظمة خاصة وأن دقدوق لبناني الجنسية ضُبط داخل الاراضي العراقية وقد دخل العراق بدون إذن قانوني من أية سلطة حكومية؛ واعتبروا أن هذا مبرر كاف لاحتجازه وسجنه استناداً الى قانون العقوبات النافذ أسوة بالعشرات من العرب والأجانب المحتجزين في السجون العراقية منذ سنوات لهذا السبب.
ويشار إلى أن الجيش الأميركي سلم دقدوق في ديسمبر/كانون الأول 2011 للسلطات العراقية قبل أن ينهي انسحابه من العراق. وقد أعلن الجيش الأميركي في يوليو/تموز 2007 القبض على دقدوق في جنوب العراق، وقال إنه "عنصر في حزب الله اللبناني جاء إلى العراق لتدريب متمردين بمساعدة فيلق القدس، وحدة النخبة في الحرس الثوري الإيراني".
كما تتهم الولايات المتحدة دقدوق بالضلوع في هجوم وقع يناير/كانون الثاني 2007 بمدينة كربلاء في جنوب بغداد، وقتل فيه مسلحون جنديا أميركيا وخطفوا أربعة آخرين، قبل أن يقتلوهم بعد ذلك.
واعتبرت أوساط قانونية أنه تم ضبط هذا اللبناني وهو يحمل سلاحاً غير مجاز برخصة رسمية. وهذا سبب آخر يبرر احتجازه وسجنه استناداً الى القوانين النافذة. كذلك فإنه ضُبط بعد أن قاتل قوة عراقية – أميركية، واعتقلته هذه القوة استناداً الى المادة (4/إرهاب). وهذا سبب كافٍ لإبقائه في السجن، أسوة بالمئات من الجنسيات العربية والاجنبية الذي ترفض الحكومة العراقية إعادتهم الى بلدانهم، بل وتنفذ الاعدام في الكثير منهم كما يحصل مع السعوديين وباقي العرب وهذا فضلاً عن حيازته مستمسكات مزورة لأوراق ثبوتية عراقية ولذلك كله فلا يمتلك نوري المالكي مبررات إخراجه من السجن بل هناك سنداً قانونيا لإبقاءه في السجن (دخول غير شرعي، حمل سلاح، ممارسة القتل والإرهاب، تزوير وثائق ... وغيرها)
وتشير المعلومات أن دقدوق قد أُعتقل داخل العراق بعد مشاركته بخطف وقتل عسكريين أميركان خلال عملهم على الأراضي العراقية بطلب من الحكومة العراقية، أي ضمن قوة تمتع وجودها في العراق بما يسمى "الشرعية الدولية"، والتي جاءت بالمالكي رئيسا لحكومتين متتاليتين. وفي هذا نقض لمزاعم بعض المصادر الغربية التي تقول: (إن العراق لا يستطيع الإبقاء على شخص قيد الاعتقال ما لم يكن هناك ما يدينه قانوناً، وأن "التخطيط لقتل عناصر أميركية أو قتلهم فعلاً لا يعد جريمة في العراق".
ويذكر أن إطلاق سراح علي موسى دقدوق لم يتم الإعلان عنه من قبل الحكومة العراقية إلا بعد وصوله إلى بيروت .
وتزامن إطلاق سراح دقدوق بمواقف منددة من الادارة الامريكية وقد عبرت عنها بتصريحات كثيرة وقد وصف السناتور الأميركي جون ماكين قرار القضاء العراقي الافراج عن علي موسى دقدوق العضو في "حزب الله" الذي كان معتقلا منذ 2007 على خلفية عملية أسفرت عن مقتل خمسة جنود أميركيين، بأنه "عار"، ودعا "لاتخاذ الإجراءات المناسبة فيما يتعلق بالعلاقة مع الحكومة العراقية
وفي واشنطن، أعربت الخارجية الأميركية عن خيبة أملها بسبب هذا القرار، وقالت إنها أبلغت بغداد موقفا "صلبا برفض" إطلاق سراح دقدوق.
وذكرت المتحدثة باسم الخارجية فيكتوريا نولاند أنه "كما الحال بالنسبة لإرهابيين آخرين نشتبه في أنهم ارتكبوا جرائم بحق أميركيين، سنتبع كل الطرق القانونية لمحاكمة دقدوق على الجرائم التي يتهم باقترافها"، مضيفة أن الولايات المتحدة "تواصلت مع حكومة لبنان"، البلد الذي انتقل إليه دقدوق. كما قالت المتحدثة أيضا إنها تحترم نظام العدالة العراقي.
واعتبر معارضون عراقيون أن تصرف نوري المالكي بدافع طائفي لا غبار عليه؛ مغلباً تلك الطائفية على مصلحة العراق الوطنية، وتودداً لأسياده الايرانيين ضارباً عرض الحائط القوانين والأعراف التي لا تسمح له بإطلاق سراح دقدوق . وشيء طبيعي أن يكون المالكي قد تعرض لضغوط متعارضة كبيرة من الجانبين: الأمريكي والإيراني. لكنه في النهاية، وفي الوقت المناسب عمل بما تمليه عليه نوازعه الطائفية. وما إطلاق سراح المجرم علي دقدوق سوى شاهد لا أكثر من شواهد العراق الشيعي الجديد.
وفي لبنان يذكر أن علي دقدوق لم يتسلمه الامن العام اللبناني كما جرت العادة في مثل هذه الحالات بل وصل إلى لبنان بتنسيق مع حزب الله وهو يقيم الآن في إحدى المربعات الامنية الخاضعة لسيطرة الحزب .
وفي هذا السياق أيضا شهدت العديد من الدول الأروربية أعمالا تخريبية عدة اتهم فيها لبنانيين أدت الى إجراءات عديدة بحق اللبنانيين المقيمين في هذه الدول .