لا تشبه الإنتخابات النيابية في الضنّية التي ستجري بعد غد الأحد، نظيرتيها في دورتي إنتخابات عامي 2005 و2009، لا في الشكل ولا في المضمون، وسط ترقّب واسع لما ينتظر أن تفرزه صناديق الإقتراع من نتائج، ستكون مقدمة لطيّ صفحة آحادية التمثيل السياسي والنيابي في المنطقة المستمرة منذ 13 عاماً.
ففي دورتي عامي 2005 و2009 إستطاع تيار المستقبل حصر تمثيل الضنية نيابياً بمرشحيه، النائبين أحمد فتفت وقاسم عبد العزيز، قبل أن تكشف الأشهر القليلة الماضية عن بوادر تغيير محتملة بقوة سوف تكسر آحادية هذا التمثيل، يساعدها في ذلك قانون الإنتخابات الجديد القائم على مبدأ النسبية والصوت التفضيلي، الذي سيجعل إستمرار استئثار التيار الأزرق بمقعدي المنطقة بحاجة إلى معجزة.
أولى هذه البوادر تنحّي فتفت لمصلحة نجله سامي، بعدما وضع الرئيس سعد الحريري فيتو على إعادة ترشيح فتفت الأب مجدداً، وهو اعتبر بداية تغيير صغير ولو في الشكل والظاهر، قبل أن تبدأ بوادر التغيير الأخرى تكرّ تباعاً.
من هذه البوادر أيضا، أن تيار المستقبل يواجه في استحقاق الأحد الإنتخابي مروحة واسعة من منافسيه، بعدما كان منافسه الرئيسي في دورتي إنتخابات 2005 و2009 يقتصر فقط على النائب السابق جهاد الصمد، الذي حصد في كلا الدورتين على نسبة 33 % و36 % من أصوات الناخبين في الضنية، والذي تحوّل إلى مرجعية ورقم صعب فيها، نظراً لما لديه من قاعدة إنتخابية كبيرة وصلبة.
أبرز الداخلين على خط المنافسة كان الرئيس نجيب ميقاتي الذي ضمّ إلى لائحة تيار العزم التي يترأسها، كل من المرشحين محمد الفاضل، نجل النائب الراحل أحمد الفاضل وإبن بلدة سير، مسقط رأس النائب فتفت والعاصمة الإدارية للضنية، وجهاد يوسف إبن بلدة قرصيتا في جرد الضنية، والتي كان التيار الأزرق يعتبرها قلعة له، فجاء ترشيح يوسف ليصدّعها، وهو ما برز في زيارة ميقاتي الأسبوع الماضي إليها.
وزاد الطين بلّة في صفوف تيار المستقبل في الضنية دخول الوزير السابق أشرف ريفي على خط التنافس الإنتخابي، بعدما ضمّ إلى لائحته كلاً من راغب رعد من بلدة سير أيضاً، وأسامة أمّون من بلدة إيزال، إضافة إلى مرشحي المجتمع المدني الذين سيأكلون من الصحن الإنتخابي للتيار الازرق، ما جعل حسابات قيادات تيار المستقبل تتضارب وتصاب بقلق وإرباك خوفاً من نتائج مفاجئة وغير محتملة قد لا تكون بالحسبان، وقد تقلب الوضع الحالي رأساً على عقب.
هذه المروحة الواسعة من المرشحين جعلت التنبؤ بنتائج الإنتخابات المقبلة أمراً صعباً للغاية، في ظل غموض كبير يسود توجهات قسم كبير من الناخبين حول المرشح الذي سيعطونه صوتهم التفضيلي، حتى لو كان من الفريق أو التيار السياسي نفسه.
الغموض المذكور ينسحب بشكل رئيسي على تيار المستقبل، الذي فضّل الحريري يوم قدومه الى المنطقة، الأسبوع الماضي، عدم كشف إسم مرشحه الذي سيوعز لناخبيه إعطائه أصواتهم التفضيلية، عبد العزيز أم فتفت، مفضلاً تأجيل وقوع إنفجار داخلي في تياره إلى ما قبل 24 ساعة على الأقل من موعد الإنتخابات النيابية، عكس الأحزاب والقوى والتيارات السياسية الأخرى، التي قسّمت، منذ أيام، أصواتها التفضيلية بين مرشحيها في مختلف الدوائر الإنتخابية.
في ضوء ذلك ستتجه الأنظار في الضنية (41 مركزاً إنتخابياً و115 قلم إقتراع ) في أكثر من اتجاه، أولها باتجاه بلدة بخعون كبرى بلدات الضنية (قرابة 8 آلاف ناخب) ومسقط رأس عبد العزيز والصمد، وسير التي يوجد فيها ثلاثة مرشحين هم فتفت والفاضل ورعد، وقرصيتا لمعرفة عدد الأصوات التي سينالها يوسف، والسفيرة ثالث كبرى بلدات الضنية التي يسعى أغلب المرشحين لكسب أصواتها بعدما خلت من وجود أي مرشح جدّي فيها بعد عزوف النائب السابق أسعد هرموش عن الترشح، وإلى بلدة بقاعصفرين رابع بلدات القضاء من حيث عدد ناخبيها والتي تعتبر معقلاً لآل كرامي في الضنية، وحيث سيُجيّر الوزير السابق فيصل كرامي الأصوات التفضيلية لقاعدته الشعبية فيها إلى حليفه الصمد.
ولن يسقط من الحسبان ناخبون المسيحيون في الضنية، الذين يبلغون قرابة 13 ألف ناخب من أصل 68 ألف ناخب في الضنية مسجلين على لوائح الشطب، أي حوالي 19 %، وهؤلاء يتوزعون الولاء بين تيار المردة الذي أعلن دعمه الصمد، والقوات اللبنانية التي تركت الخيار لناخبيها في المنطقة، لكن أغلبهم سيدعمون الفاضل حسب تسريبات إعلامية نشرت مؤشراً، والتيار الوطني الحر الذي لم يكشف بعد عن توجهه في هذا المجال.