أخذ الخلاف الإنتخابي على المقعد الشيعي في دائرة جبل لبنان الأولى - قضاء جبيل ، أهمية واسعة في الإعلام كونه أبرز عمق الخلاف الخفي بين " التيار الوطني الحر " و " حزب الله ".
خلال فصول تشكيل اللوائح الإنتخابية ، تعامل التيار مع الحزب بدونية ورفض أن يكون المرشح حسين زعيتر على لائحة التيار ، مبرّرا الأمر بأن تكتل " لبنان القوي " الوريث الشرعي لتكتل " الإصلاح والتغيير " بعد إنتخابات ٦ أيار ٢٠١٨ يُرِيد أن يضم في صفوفه نائب شيعي منتمي للتيار أو مقرّب منه.
بالمقابل تبنّى الحزب ومعه " حركة أمل " إستراتيجية الإستحواذ على جميع المقاعد الشيعية في مختلف الدوائر .
هذا الأمر أدّى إلى تأليف لائحتين بين الحليفين ، الأولى لائحة " لبنان القوي " وتبنّت المرشّح ربيع عوّاد ، مدعومة من التيار الوطني الحرّ ، والثانية لائحة " التضامن الوطني " وتبنّت ترشيح الشيخ حسين زعيتر ، ومدعومة من الثنائية الشيعية وبعض الشخصيات المسيحية المستقلة وقدامى القوات اللبنانية وأحد القياديين السابقين في التيار الوطني الحر الأستاذ بسّام الهاشم الذي إستقال من التيار في فترة سابقة بعد خلافات مع الوزير جبران باسيل وكان يشغل منصب المسؤول التثقيفي فيه.
ويرى البعض أن خيار التيار في جبيل جاء بسبب أن الإبتعاد عن " حزب الله " في هذه الدائرة سوف يستميل الأصوات المسيحية أكثر وهو خيار شعبوي يُكسبه المعركة ، كون اللوائح المسيحية الأخرى التي تُنافسه في كسروان - جبيل ترفع شعارات إنتخابية مضمونها الإبتعاد عن " حزب الله " وتلقى صدى في الشارع الجبيلي ، وما حصل بقصة مفتاح كسروان - جبيل أفضل مثال على ذلك ، وكيف إستغلها المنافسون للتيار البرتقالي إنتخابيا ، ما جعل التيار نفسه يتبرىء من الموضوع .
إقرأ أيضا : مرشّحو الإنتخابات في لبنان على درب ترمب ... خطاب إنتخابي شعبوي هابط
لذلك ، يخشى باسيل من خصومه السياسيين في قضاء جبيل ، وأبرزهم لائحة " التغيير الأكيد " المدعومة من القوات اللبنانية ، و " عنا القرار " المدعومة من الدكتور فارس سعيد وحزب الكتائب اللبنانية.
لكن المعركة في جبيل على المقعد الشيعي لا تأخذ بُعداً سياسيا وحزبيا فقط ، بل لها أبعاد عائلية .
فأكبر العائلات الشيعية في المنطقة هي عائلة " عوّاد " ، والتي لم تُرشّح الثنائية منها أي مرشّح ، بل إختارت ترشيح حسين زعيتر ، وهو من خارج المنطقة رغم وجود آل " زعيتر " في جبيل .
ولائحتان من ال ٥ لوائح تبنّت مرشحين من آل " عوّاد " ، لائحة التيار عبر تسمية ربيع عوّاد ، ولائحة القوات عبر المرشّح محمود عوّاد .
هذا الأمر يعني تشتّت وإنقسام أصوات آل " عوّاد " بين لائحتين ، ما سيُفيد حسين زعيتر .
بقية اللوائح تبنّت مرشحين من عائلات أخرى ، كالأستاذ مصطفى الحسيني عن اللائحة المدعومة من الكتائب وفارس سعيد ، وقد حاز في إنتخابات ٢٠٠٩ حوالي ال ٢٠،٠٠٠ صوت .
والمُرشّح محمد المقداد ، عن لائحة " كلنا وطني " المدعومة من المجتمع المدني.
إقرأ أيضا : إنتخابات ذات رمزية رئاسية في كسروان - جبيل
لكن التحدّي التي تواجهه كل اللوائح لو إستثنينا لائحة المجتمع المدني التي لا يهمُّها سوى الخرق بغض النظر عن هوية من خرق ، فإنّنا نجد أن لوائح الأحزاب المسيحية الثلاث ، التيار والقوات والكتائب ، سيعملون على تأمين فوز المُرشّحين المسيحيين في هذا القضاء ، ما يعني أن توزيع أصواتهم سينصب على المقعدين المسيحيين ، أما المقعد الشيعي فمن شبه المؤكّد أنّه سيُترك لمصيره وشطارة المُرشّح نفسه.
بالمقابل ، ما يهمّ " حزب الله " هو تأمين الحاصل للخرق بمقعد ، مستفيدا من تحالفاته مع الشخصيات المسيحية على لائحته التي ستُسهم في تأمين ذلك ، وسيصوّت بصوته التفضيلي لمصلحة زعيتر ، ما يُعطيه حظوظاً أكبر في الفوز ، إلاّ إذا حصلت مفاجآت غير متوقّعة ، كون هناك حراك شيعي جبيلي نشط في الأشهر الماضية وكان غاضبا من سياسة الحزب في إسقاط المُرشّحين على الأهالي وهم من خارج المنطقة.
بالمُحصّلة ، تلعب العائلات الشيعية دورا بارزا في هذه المعركة الإنتخابية ، وهي أيضاً معركة ستُحدّد مستقبل التفاهم بين " التيار الوطني الحرّ " و " حزب الله " ، خصوصا إذا ما سقط مرشح الحزب في هذه الدائرة ، فهذا سيفتح باب التأويلات والإحتمالات على مصراعيه ، في ظل حالة إمتعاض واسعة تجتاح كوادر وقيادات الحزب من أداء وكلام الوزير باسيل .