"معاً نستطيع تشريع الحشيشة". شعار انتخابي انطلق من بعلبك الهرمل وزار هواتف اللبنانيين على امتداد الوطن، ليس لقوة الحملة الانتخابية للمرشح عن المقعد الماروني في لائحة "الإنماء والتغيير" المهندس شوقي الفخري، بل لارتباط الشعار بنبتةٍ حصرها المجتمع بآفة المخدرات وتناسى دواعيها الأخرى.
يشجع الفخري على تشريع الحشيشة للدواعي الطبية، ويؤكد أن "مساحة السهل في بعلبك الهرمل من دون احتساب مساحة المنحدرات على جبال لبنان الشرقية والغربية توازي 600 ألف دونم، اي 600 مليون متر مربع يمكن زراعتها". ودراسة بسيطة "تثبت أن زراعة 100 ألف دونم من الحشيشة يؤمن للمزارعين 50 مليون دولار سنويا، أي 500 دولار على كل دونم، ويؤمن للدولة اللبنانية مبالغ تصل إلى 800 مليون دولار سنويا".
ويتساءل الفخري في حديثه لـ"ليبانون ديبايت" عن سبب عدم تشريع الحشيشة، ولدينا قانون يسمح بزراعة الحشيشة أو القنب الهندي للأغراض الطبية فقط صادر في العام 1998 ويحمل الرقم 673، "وهو قانون غير مفعل على غرار غيره من القوانين الإنمائية".
بدوره، يلفت زميل الفخري على اللائحة ذاتها الدكتور علي زعيتر المرشح عن المقعد الشيعي في بعلبك الهرمل إلى أن الدراسات العالمية اكتشفت أنه يمكن تصنيع 23 دواء يفيد بعلاج أمراض منتشرة بكثرة في العالم من الحشيشة، كالزهايمر، والارتروز، والسكري وغيرها...
ويطرح لدحض الأقاويل التي تروج لأن الحشيشة مرتبطة بالتعاطي، مقاربة مفادها أن "من يتعاطى الأفيون 4 مرات يصبح مدمناً، أما الحشيشة لا يدمن عليها الانسان ويمكن أن يعتاد عليها كما الدخان".
وتذهب المرشحة عن المقعد الماروني في بعلبك الهرمل المحامية سندريلا مرهج على لائحة "المستقلة" أبعد من الحكم الشرعي والدواعي الطبية، وتنظر للحشيشة من بوابة أوسع، ولا تعتبرها مخدر "بل ثروة مهملة".
وتؤكد في حديثها لـ"ليبانون ديبايت" أن تشريع زراعة نبتة القنب المعروفة بالحشيشة مسألة قانونية بحتة لا تتعلق بشرع ولا بتعاطي وإدمان وترويج المخدرات، بل هي مسألة تتعلق بالثروة الزراعية.
وتقول "هذه المسألة أساسية أسوة بكل الدول المتقدمة التي تزرع هذه النبتة، وسبقتنا من ناحية تحديث قوانينها وإيجاد آلية تشريعية لكيفية الاستفادة من هذه الثروة بإدارة ومراقبة الدولة التي يمكن لها أن تقدِم هي على شراء المحاصيل كما يحصل في زراعة الدخان".
وتتأسف مرهج أن يذهب البعض لحصر زراعة الحشيشة بالدواعي الطبية "وكأنهم يريدون المطالبة بتشريعها من جهة وإيجاد التبريرات من جهة أخرى كي لا يتعرضوا لهجوم عنيف من قبل الذين يرفضون تشريعها".
وتشير إلى أن للحشيشة بالإضافة للدواعي الطبية "أخرى اقتصادية تعود بالمنفعة على المزارعين والمنطقة بأكملها، وتنشئ المصالحة بين المواطن المزارع والدولة، وتوفر فرص عمل لكثير من أبناء المنطقة في المصانع ومراكز الابحاث الطبية. وتشكّل حلاً للديون المتراكمة على عاتق الدولة، كما يمكن أن تحفز الصناعات والاستثمارات كونها يصنّع منها أكثر من 55 منتج كالزيوت، الدهون، النسيج، القصب، والخيوط...".
لا تترد مرهج في الكشف عن أن أولى مشاريعها في مجلس النواب سيكون مشروع قانون تشريع الحشيشة، الذي يمكن أن تستند في بنوده إلى دراسات مقارنة أجرتها مع عدد من الدول التي شرعت الحشيشة مثل هولندا والأورغواي.
في المقابل، يختلف رأي مرشح (حزب الله )عن المقعد الشيعي إيهاب حمادة على لائحة "الأمل والوفاء" عن رأي الفخري وزعيتر، ويقول إن موقف حزب الله من الحشيشة "سلبي جدا لأنها تعرّض المجتمع لخطر كبير".
ويستند حمادة في هذه المسألة إلى الحكم الشرعي "الذي يحرمها بشكل مطلق خصوصا أننا نعلم أن الاستفادة منها تكون من أجل المخدرات".
ويؤمن (حزب الله) بأن "الزراعات البديلة الشرعية تؤمن مردوداً أكبر للمزارع. أما القيمة المالية هي لمصنّع المخدرات". ويرى حمادة أن "الكلام عن استفادة طبية كلام في الهواء "لأن التصنيع الطبي الشرعي في لبنان حتى الآن غير موجود ونستورد دواءنا من الخارج".
إذا ما وضعنا رأي (حزب الله) جانباً، يمكننا القول إنه يكاد يُجمع مرشحو بعلبك الهرمل على ضرورة تشريع الحشيشة كبابٍ واسع لإنماء المنطقة، وباب أوسع لسدّ عجز الدولة اللبنانية، وأن هذه المنطقة التي لطالما حرمتها الدولة من حقوقها يمكن أن تكون نقطة عبور سريعة إلى لبنانٍ "غير مديون".