يعقد يوم الاثنين المجلس الوطني الفلسطيني، أعلى هيئة تشريعية فلسطينية ونادراً ما ينعقد، اجتماعاً للمرة الأولى منذ 22 عاما لكن مقاطعات وخلافات تشير إلى أنّه سيواجه صعوبات في تحقيق هدفه المعلن الخاص بالوحدة في مواجهة إسرائيل والولايات المتحدة.
ومن المتوقع أن يستغل الرئيس محمود عباس الاجتماعات التي ستنعقد على مدى أربعة أيام لتجديد شرعيته ولتعيين مخلصين له في مواقع كبيرة ليبدأ في تشكيل إرثه السياسي.
ووصف عباس اجتماعات المجلس، الذي يعتبر البرلمان الفعلي لمنظمة التحرير الفلسطينية، بأنه فرصة لتأسيس جبهة موحدة في مواجهة إسرائيل والولايات المتحدة بعد أن اعترف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل.
وقال نبيل أبو ردينة المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية إن انعقاد المجلس "رسالة قوية لكل العالم بأن الشعب الفلسطيني متمسك بحقه في إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني".
لكن موقع انعقاد اجتماعات المجلس وتوقيته والحاضرين فيه واجهت انتقادات من داخل وخارج منظمة التحرير الفلسطينية.
وتقاطع الجماعات ذات التوجه الإسلامي المجلس وتشكك في قول منظمة التحرير إنها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني.
ومن بين الجماعات المقاطعة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وحركة الجهاد الإسلامي. وكانت حماس فازت على حركة فتح التي يتزعمها عباس ويدعمها الغرب في انتخابات برلمانية جرت في 2006 وبين الحركتين خلاف مرير وتنافس منذ ذلك الحين.
ويقول المنتقدون لموقع عقد الاجتماعات إن عباس يستبعد بوجوده في الضفة الغربية المحتلة فلسطينيين سيواجهون خطر اعتقال السلطات الإسرائيلية لهم أو رفض دخولهم إذا حاولوا الحضور.
وقالت ثلاثة من فصائل منظمة التحرير إنها ستقاطع اجتماعات المجلس المؤلف من 700 عضو ومن بينها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. وطالبت الجبهة بتأجيل الاجتماعات لإتاحة مزيد من الوقت لجهود المصالحة بين فتح وحماس وتخطي الانقسامات بما يضمن مشاركة أوسع فيها.
وقال مهدي أبو الهادي وهو محلل من القدس إن عباس يبدو عازما على الدفع بأجندته الخاصة واستبدال الخصوم بموالين له في اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير والتي يختار المجلس الوطني أعضاءها.
وقال: "عندما ينظر الناس إلى تلك الأسماء يفهمون إنها منصة لرجل واحد. إنها أجندة عباس".
وقال إنّ الرئيس الفلسطيني يعود فيما يبدو للمؤسسات الأصلية للدفاع عن نفسه في مواجهة الانتقادات مشيراً إلى أنّ ولايته الرئاسية انتهت بالفعل في 2010. وتابع: "يحتاج إلى إعادة بث الشرعية والاعتراف بسلطته".
"لا مبالاة جماعية"
في حدث تمهيدي لانعقاد اجتماعات المجلس في فندق فاخر يوم الأحد قال محمد صبيح أمين سر المجلس الوطني الفلسطيني إن الاجتماعات ستكون استراتيجية. ويصف المجلس الوطني التنفيذي نفسه على موقعه على الإنترنت بأنه "السلطة العليا للشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده".
لكن قياداته ذات الأعمار المتقدمة، إذ يبلغ عباس 83 عاماً في حين يبلغ رئيس المجلس سليم الزعنون 85 عاما، دفعت شبابا فلسطينيين للتساؤل عن مدى ارتباطها بالواقع خاصة من يتذكرون بالكاد آخر اجتماع للمجلس في دورته العادية في 1996.
وقالت ديانا بطو وهي مستشارة قانونية سابقة لمفاوضي السلام الفلسطينيين وهي كندية المولد وتقيم في حيفا "المجلس الوطني الفلسطيني لن يقدم لي أو لجيلي شيئا.. لن يقدم شيئا لمن هم في الشتات أو غزة. إنه لا يمثل شيئا لجيل بأكمله ينظر لتلك الاجتماعات بلا مبالاة جماعية". وأضافت: "ربما يعتقد عباس إن ذلك سيمنحه "شرعية" لكن السؤال.. شرعية ممن"؟
وفي رام الله اعترف أحمد الطيبي، وهو نائب عربي في الكنيست الإسرائيلي، بأن منظمة التحرير بحاجة إلى التحسن لكنه قال إنها تبقى "الجهة الأساسية لحل قضايا الفلسطينيين".
لكن خارج رام الله هناك تشكك على نطاق واسع في الأمر. وفي غزة تداول الكثيرون رسالة نصية على هواتفهم المحمولة تسخر من أعمار أعضاء المجلس وتقول إن على المتقدمين له أن يكونوا في التسعين فيما فوق. كما شاعت تعليقات ساخرة أيضا في الضفة الغربية المحتلة وقال فراس دودين في الخليل "نحتاج إلى دماء جديدة في المشهد السياسي الفلسطيني".