تستمر الساحة السورية ساحة حرب غير معلنة بين العدو الإسرائيلي وإيران التي كانت أكدت بعد الإعتداء على مطار التيفور في سوريا وسقوط عدد من الضحايا الإيرانيين أنها سترد على هذا الإعتداء وقد بلغت التصريحات الإيرانية التي تلت هذا الإعتداء حدا ينذر بأن حربًا قادمة تلوح في الأفق بين إيران وإسرائيل، الأمر الذي تبدد سريعًا في ظل المستجدات الدولية المتعلقة بإيران، فهل جرى تأجيل الرد الإيراني إلى ما بعد 12 أيار وهو الموعد المقرر لقرار أميركي جديد بشأن الملف النووي الإيراني؟ وهل تستفيد إسرائيل من الوقت الضائع لتسجيل هدف جديد في المرمى الإيراني ومن خلال الساحة السورية أيضًا؟
إقرأ أيضًا: الأهداف الملتبسة لمؤتمرات الدعم بين صمت الحريري ومواقف الرئيسين عون وبري
وسط صمت إيراني وإسرائيلي فإن المعلومات الصحفية تشير إلى اعتداء إسرائيلي جديد على قواعد "الحرس الثوري الإيراني" في "سوريا"، وذكرت المعلومات أنه عند العاشرة والنصف ليل أمس، تعرّضت "سوريا " لعدوان جديد طاول عدداً من المواقع العسكرية السورية في ريفي حلب وحماة، وأن المواقع المستهدفة تضمّ مخازن مهمة يستخدمها الجيش وحلفاؤه من قوات "الحرس الثوري الإيراني"، وهي «اللواء 47» في ريف حماة الجنوبي، وموقعًا قرب فوج الإطفاء في محيط بلدة سلحب في الريف الشمالي الغربي، إلى جانب موقع شمال مطار حلب الدولي (النيرب)، ضمن قرية المالكية، وفي المعلومات أن الإعتداء تسبّب في انفجار مستودعات الذخيرة وأدى إلى سقوط عدد الضحايا في صفوف قوات الجيش وحلفائه، وإصابة آخرين تم نقلهم إلى مستشفيات في مصياف وحماة والسقيلبية.
وقالت المعلومات أن خلال الانفجارات سُجّلت هزة أرضية وصلت قوتها إلى 2.6 درجة على مقياس ريختر، ما يدل على أن الانفجارات وقعت تحت الأرض، وإلى أن الصواريخ المستخدمة في العدوان، خارقة للتحصينات، وهو ما يعزز فرضية أن الاستهداف جاء من الجوّ من ضمن المجال الجوي السوري.
وفي التقديرات حول طبيعة الهجوم العسكري والأهداف تشير إلى أن إسرائيل هي من تقف وراءه، رغم غياب أيّ تبنّ رسمي كالعادة.
وفي المقابل فإن أي موقف إيراني لم يصدر بعد وتشهد هذه العملية الجديدة تعتيمًا إعلاميًا غير واضح الأسباب حتى الساعة إذ لم يصدر بعد أي تعليق رسمي إيراني أو سوري على الهجوم الاسرائيلي.
هذا الهجوم الإسرائيلي الجديد لا شك أن سيرفع سقف التحدي بين إيران وإسرائيل ويأتي في سياق الضغط الدولي على إيران التي تبدو عاجزة عن المضي في أي مواجهة على الأرض وسط الأزمة السياسية المتجددة مع واشنطن والمتعلقة تحديدًا بالملف النووي الإيراني الذي أصبح مادة ابتزاز سياسية دائمة من الجانب الأميركي.
إقرأ أيضًا: الناخب اللبناني ضحية الإبتزاز والسخرية!
وعلى ما يبدو فإن القرار الإيراني بالرد ما زال مؤجلًا بانتظار جلاء الموقف الأميركي الأوروبي من الملف النووي، وبالتالي فإن المبادرة لا تزال بيد الإسرائيلي وسط الضغوطات الأخرى التي تشغل الجانب الإيراني ومنها:
1 . الإقتصاد الإيراني المتدهور والذي تشير التقديرات إلى أن خطورة الوضع الإقتصادي في إيران بلغت مراحل متقدمة غير مسبوقة.
2 . النفوذ المتعاظم لإيران في المنطقة والذي بات ملفًا ملحًا على طاولة المباحثات بين الأطراف الدولية الأوروبية الأميركية والعربية الأمر الذي يحتاج إلى تدقيق ومتابعة من الجانب الإيراني.
3 . غياب العامل الروسي عن ساحة المواجهة الأمر الذي أضعف الجهود الإيرانية للمحافظة على مكاسبها في المنطقة.
وفي الخلاصة فإن الرد الإيراني مؤجل بانتظار جلاء الأمور على صعيد الملفات المذكورة الأمر الذي يبقي الباب مفتوحًا أمام إسرائيل للعب أكثر في الوقت الضائع وفرض معادلات عسكرية جدية وجديدة على الأراضي السورية.