التهديد الإيراني بضرب إسرائيل زوبعة في فنجان

منذ إنتصارها أواخر سبعينات القرن الماضي رفعت الثورة الإسلامية في إيران شعار العداء لإسرائيل وأعلنت عن هويتها الإسلامية باعتماد الإسلام كنظام رسمي للدولة، وعبرت عن ذلك بإطلاق تسمية الجمهورية الإسلامية الإيرانية على أنقاض النظام الشاهنشاهي، وأطلقت مسيرة تحرير القدس والاهتمام بهذا المعلم المقدس وتخصيص يوم من السنة وهو يوم الجمعة الأخيرة من شهر رمضان من كل عام هجري تحت مسمى يوم القدس العالمي وتبنت القضية الفلسطينية بادعاء انها مسألة تخص كافة المسلمين واحتكرت عملية تحرير فلسطين بعد تقاعس الدول العربية عن القيام بواجباتهم تجاهها ووقوعها أسيرة الاغتصاب الصهيوني وارتفع العلم الفلسطيني فوق مبنى السفارة الإسرائيلية في طهران بعد إزالة كل معالم الكيان الصهيوني عن المبنى وتحويله إلى سفارة لدولة فلسطين. 
وبتعاقب السنين فقد خاضت إيران بنظامها الإسلامي الجديد حروبا شرسة ومعارك ضارية ضد إسرائيل من خلال التنظيمات العسكرية والميليشيات المسلحة التي أنشأتها واستخدمتها كأذرع لها وأدوات في مشروعها الاستراتيجي القائم على التوسع خارج الحدود الإيرانية مثل "حزب الله" في لبنان وحركة "حماس" في غزة متجنبة الوقوع في مأزق المواجهة المباشرة مع إسرائيل، وذلك بالتزامن مع حرب إعلامية عدائية بين الدولتين الإيرانية والإسرائيلية مبنية على اتهامات وتهديدات متبادلة وخاصة من الجانب الإيراني الذي غالبًا ما يكون التهديد بإزالة إسرائيل من الوجود والقضاء على الصهاينة بإبادتهم أو إغراقهم في البحر. 

إقرأ أيضًا: لبنان في مؤتمر بروكسل .. هل يُمهّد المؤتمر لنهاية سعيدة لأزمة النازحين السوريين؟
وفي الأسابيع الأخيرة. 
وفي سياق هذه التهديدات المتبادلة وتحديدًا في أعقاب الغارة الإسرائيلية على مطار "تي فور" حيث يتواجد قاعدة عسكرية إيرانية، وكرد على الخسائر البشرية والمادية التي منيت بها هذه القاعدة الإيرانية فقد توعدت طهران بالرد على هذا الهجوم، وهدد نائب رئيس الحرس الثوري الإيراني العميد حسين سلامي تل أبيب بالتأكيد على أن الحرب المقبلة لن تكون كحرب تموز عام 2006 في لبنان وشدد بالقول على أنه "لن يكون أمام الصهاينة سوى الهرب أو السقوط في البحر. فالقوات المسلحة الإيرانية يديها على الزناد وصواريخها جاهزة للإطلاق".
وفي الجانب الإسرائيلي فقد حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو طهران من أن قوات بلاده جاهزة للرد. وستجعل من الذي يريد قتل الإسرائيليين أن يدفع الثمن باهظًا، ومن جهته فقد نصح وزير الدفاع الإسرائيلي ليبرمان "كل من هم على الحدود الشمالية لإسرائيل بأن يفكروا جيدًا في أفعالهم، لأنه ليس مفضلًا أن يختبروا الجيش الإسرائيلي".
وفي هذا الجو المحموم فإن المحللين السياسيين الإسرائيليين أجمعوا على أنه في حال قامت روسيا بتزويد النظام السوري بمنظومة "إس 300" المتطورة والمضادة للطيران، فإن إسرائيل قد تستهدفها لمنع أي تغيير في الميزان العسكري لمصلحة النظام السوري. 
وقد أكد رئيس شعبة الاستخبارات الإسرائيلية السابق بأن تل أبيب ستقصف هذه المنظومة في حال تم بيعها لسوريا. 

إقرأ أيضًا: إعادة إنتاج السلطة في السادس من أيار
أما إيران التي تتصور أنها الدولة الوحيدة التي لديها مصالح في سوريا فإن مشكلتها تكمن في وجود أكثر من قوة إقليمية لها مصالح على الأراضي السورية، فتركيا التي تأوي ملايين اللاجئين السوريين قد بادرت إلى إحتلال بعض مناطق الأكراد في الشمال السوري لضمان أمنها واستقرارها، وكذلك فقد تناست طهران أن لروسيا مصالح وقواعد في سوريا، وليس من مصلحتها اندلاع اي حرب جديدة، سيما وأن موسكو تدرك مسبقا أن إيران ستخسر في أي حرب محتملة في المنطقة، وعليه فقد بادرت إلى استدعاء الجنرال قاسم سليماني إلى موسكو وطلبت منه تهدئة الأمور والا تغامر إيران بأي حرب ضد إسرائيل. 
وإذا كانت إيران قادرة على تحديد ساعة الصفر لإشعال أي حرب مع إسرائيل إلا أنها بالتأكيد عاجزة عن تحديد الموعد لإيقافها والتكهن بنتائجها، في ظل الإلتزام الدولي وخاصة الأميركي بتوفير الحماية والاستقرار والأمن لإسرائيل مع ما يترتب عن ذلك من إلحاق هزائم وخسائر مدوية بمن تسول له نفسه الاقتراب من الخطوط الحمراء التي تشكل سياجا للدولة الإسرائيلية، وأما قرع طبول الحرب والتهديد بضرب إسرائيل فلا يتجاوز حدود الحروب الإعلامية وبالتالي فهو ليس أكثر منزوبعة في فنجان.