في قاعة تدريس في أحد مخيمات بيروت، تشرح منال قرطام لعدد من الطلاب أهداف حملتها بعد ترشحها عن المقعد الفلسطيني، غير الموجود في البرلمان، في خطوة رمزية هدفها حث القوى السياسية على لحظ حقوق اللاجئين في برامجها، وتقول منال (40 عاماً) المولودة في مدينة طرابلس (شمال) لأب فلسطيني وأم لبنانية لوكالة الصحافة الفرنسية خلال زيارتها مخيم مار إلياس للاجئين الفلسطينيين في بيروت: «راودتني فكرة الترشح انطلاقاً من أننا في مرحلة انتخابات ولكل المرشحين برامج سياسية تتحدث عن العدالة الاجتماعية والديمقراطية».
وتوضح الشابة الحائزة على دراسات عليا في الحقوق والقانون الدولي وتتكلم الفرنسية والإنجليزية بطلاقة: «وجدت من الضروري القول إن العدالة الاجتماعية مهمة جداً لا للمواطنين فحسب بل لكل المقيمين في لبنان وبينهم اللاجئون الفلسطينيين».
من جهة أخرى، على حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي كما خلال لقاءاتها وجولاتها في المخيمات الفلسطينية، تشرح منال أهداف حملتها الرمزية تحت عنوان «#موجودين» وتقدم نفسها بوصفها مرشحة عن «المقعد الفلسطيني»، وتعمل منال على نشر صور لها مرفقة بشعارات أطلقتها الأحزاب السياسية على حملاتها الانتخابية، لكنها تدخل تعديلات عليها.
بدورها، تشرح منال التي تفيض حيوية وحماسة نقلًا عن صحيفة "الشرق الأوسط": «كان على أحد أن يقول هناك أشخاص موجودون منذ سبعين عاماً في هذا البلد لكنهم غير موجودين في سياسات الدولة لخلق صدمة في صفوف الناس وسط هذا الكم الهائل من المرشحين»، ولطالما شكّل الوجود الفلسطيني عاملاً حسّاساً في لبنان خاصة بين الأطراف التي شاركت في الحرب اللبنانية بين العامين 1975 و1990، ولا يزال حاضراً في الخطاب السياسي لبعض القوى اللبنانية التي تكرر رفضها المطلق لـ «توطين الفلسطينيين» أو أي إجراء يناقض حق العودة أو ينزع عن اللاجئين هويتهم، ويعيش اللاجئون الفلسطينيون في لبنان وضعاً صعباً بسبب منعهم من العمل في قطاعات مهنية كثيرة ومن التملك.
من جهته، أعد وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل الشهر الماضي مشروع قانون يطالب بإعطاء المرأة اللبنانية حق منح الجنسية لأولادها إذا كانت متزوجة من غير لبناني: «باستثناء دول الجوار للبنان، وذلك لمنع التوطين» في إشارة إلى السوريين والفلسطينيين بشكل رئيسي.
ومن خلال حملتها التي ستستمر بعد الانتخابات للضغط على المعنيين والمجتمع الدولي لإيلاء حقوق الفلسطينيين في لبنان الاهتمام اللازم، تطالب منال بجعل المخيمات «مفتوحة على محيطها وجزءاً من برامج وخطط البلديات»، وتشرح: «يجب ألا تكون المخيمات معزولة ومغلقة، ويجب أن تخضع لسلطة الدولة وسيادتها، وينبغي أن يكون الفلسطيني ضمن العملية التنموية والإنمائية اللبنانية»، وتضيف: «بهذا الشكل، يمكن أن نبني إنساناً ومجتمعاً فلسطينياً قادراً على تحرير أرضه والعودة إليها».
وفي تقرير أصدرته أول من أمس الخميس، أعلنت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الحقوقية أن 27 مرشحاً ومرشحة من إجمالي 597 مرشحاً للانتخابات أعلنوا التزامهم بتعزيز حماية حقوق الإنسان في 10 مجالات، بينها حقوق اللاجئين، وينتمي معظم هؤلاء المرشحين وفق المنظمة إلى مجموعات مدنية تخوض الانتخابات للمرة الأولى.
من ناحيتها، أوضحت نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في المنظمة لما فقيه: «من المخيب للآمال ألا يقدم أي من الأحزاب اللبنانية المشاركة في الحكومة التزامات حقوقية قوية»، وتعتبر المنظمة أن البرلمان الذي تشارف ولايته الثالثة على الانتهاء لم يحرز أي تقدم على صعيد عدة قضايا حقوقية رئيسية.
والجدير ذكره، أن لبنان يستضيف وفق آخر إحصاء نشرته الحكومة اللبنانية في كانون الأول الماضي 174 ألف لاجئ فلسطيني موزعين على 12 مخيماً، بعدما كانت تقديرات متداولة تتحدث عن وجود نحو 500 ألف يعيشون ظروفاً صعبة.