منذ الآن وقبل الانتخابات ومعرفة النتائج، وتوزيع الكتل النيابية على الأحزاب الرئيسية التي تتنافس فيما بينها على الاحجام، بدأ المراقبون يبشرون بأن البلد مقبل على أزمة حكم حقيقية قد تأخذ من العهد نصف حكمه على أقل تقدير الا في حال تنازل عن تصميمه في أن تكون حكومة ما بعد الانتخابات النيابية حكومته الأولى، بعدما وافق على تشكيل الحكومة الحالية التي ستشرف خلافاً للأصول البديهية على هذه الانتخابات بالشكل الذي هي عليه، أي من مجموعات سياسية متناقضة لا يجمع بينها أية قواسم مشتركة، سوى رغبة كل فريق في الدخول إلى جنة الحكم، ولو على حساب الانسجام الوزاري، والورشة التي يجب أن يشكلها أعضاء هذه الحكومة، لسد الثغرات التي أوجدتها الحكومات السابقة، والنهوض بالدولة من العثرات التي تعتورها وانجاح العهد الذي أتى بعد أزمة سياسية دامت أكثر من سنتين ونصف السنة.
لم تأت توقعات المراقبين وتلويحاتهم بأزمة حكم ستواجه العهد عندما يباشر بعملية تأليف حكومة جديدة بعد الانتخابات النيابية من فراغ، بل هي بمثابة أمر واقع تفرضه نتائج الانتخابات المقبلة حيث باتت كل التوقعات تميل إلى أن الاحزاب الكبرى التي تهيمن على الانتخابات لن تتمكن من الحصول على الأحجام نفسها التي كانت عليها قبل الانتخابات أي انها كلها ومن دون أي استثناء بما فيها حزب الله وحليفه حركة أمل ستخسر بعض مقاعدها كما هو واقع الحال الذي تروّج له كل مصادر الاحصاء واستطلاعات الرأي في محافظة بعلبك - الهرمل وربما في غيرها من الدوائر الانتخابية في البقاع الغربي وزحلة وحتى في الجنوب وكذا الأمر بالنسبة الى التيار الأزرق برئاسة رئيس الحكومة الحالية سعد الحريري أو بالنسبة الى المتفاهمين اللدودين التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية اللذين لن يعودا إلى مجلس النواب المقبل بالاحجام ذاتها التي كانت قبل حصول هذه الانتخابات، لأن كل الإحصاءات واستطلاعات الرأي تجمع على ان القانون المعمول به لن يسمح لأي منهما بالعودة كما كان عليه في السابق، وهكذا قِسْ على ما تبقى من أحزاب وقوى سياسية مستقلة.
ان هذا الواقع الجديد أضف إليه تصميم العهد على أن تكون حكومة ما بعد الانتخابات حكومته هو وليست خليطاً أو مزيداً من كل القوى السياسية المهيمنة سيجعل من الصعوبة بامكانية الوصول بسهولة الى الاتفاق على تشكيل هكذا حكومة بقدر ما تُشير معلومات كل المراقبين إلى ان مثل هذه الحكومة التي وعد العهد نفسه بها لكي تعبّر عن طموحاته في الحكم من الصعب ان تبصر النور وان تكون ولادتها سهلة كما يتوقع بل ستواجه صعوبات وعراقيل من أكثر من فريق سياسي بما يؤدي حتماً إلى إطالة مدة الفراغ في البلاد وصولاً إلى ما يسمى أزمة حكم، كما شهده اللبنانيون عند تشيكل كل حكومات ما بعد 14 آذار قبل أكثر من 17 عاماً، ولا يعتقدن أحد من المتأملين منذ الآن بأنه سيكون بعد الانتخابات قادراً على تشكيل حكومة على قدر طموحاته في خلال بضعة أسابيع، ويحصل فيها على الوزارات السيادية على حدّ التعبير المستعمل في هذه الايام خصوصاً بالنسبة الى وزارة المال التي لن يسمح الثنائي الشيعي بالتنازل عنها حتى ولو دامت أزمة الحكم سنوات وليس بضعة أسابيع أو عدّة أشهر.
ومن هنا على اللبنانيين ان ينتظروا حصول الأسوأ بعد الانتخابات، لا أن يثقوا بالوعود التي تغدق عليهم من هذا الطرف أو ذاك.
ما بعد الاستحقاق
ما بعد الاستحقاقد. عامر مشموشي
NewLebanon
التعريفات:
مصدر:
اللواء
|
عدد القراء:
343
عناوين أخرى للكاتب
مقالات ذات صلة
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro