يشكل اللبنانيون الأكراد قوة ناخبة لا يستهان بها لا سيما في بيروت الثانية. ولطالما عُرف هؤلاء بوفائهم الانتخابي للزعماء السنة، وعلى الرغم من تجاوز أعدادهم 100 ألف كردي لم يحظوا لمرة واحدة بمقعدٍ يمثلهم في السلطة التشريعية على الرغم من سيل الوعود التي ينتهي مفعولها بعد كل استحقاق نيابي.
جاء الأكراد إلى لبنان على دفعتين أساسيتين، هما كما تفندهما رئيسة رابطة نوروز الثقافية الاجتماعية لأكراد لبنان حنان عثمان: الرعيل الأول: جاء إلى لبنان في القرن الحادي عشر، وكانوا عوائل إقطاعية وأمراء وعشائر كبيرة (آل مرعبي، جنبلاط، الأيوبي، وكريدية...)، أتوا لسد الثغرات البحرية والدفاع عن لبنان ضد الهجمات الصليبية.
الرعيل الثاني: جاء إلى لبنان في عشرينات القرن الماضي نتيجة العنف والقمع والإبادة التي تعرضوا لها على يد الدولة التركية، نتيجة التظاهرات التي قاموا بها للمطالبة بحقوقهم عقب تقسيم كردستان العراق بعد معاهدة سايكس بيكو، وعُلقت يومها مشانق الأمراء الأكراد، لذلك هاجروا بشكل كبير نحو الأردن ولبنان ومصر.
لا إحصاء رسمي لعدد الأكراد في لبنان، لكن الجمعيات المختصة تقدر أعدادهم بين 100 و120 ألف كردي لبناني بين مُجنّسين وحاملين وثيقة قيد الدرس. ويتوزعون في طرابلس البقاع، وبرج حمود، ويتركزون في بيروت الثانية في برج أبي حيدر، زقاق البلاط وعين المريسة.
انتخابياً، عُرف الأكراد بولائهم التاريخي للزعماء السُنة، وتؤكد عثمان لـ"ليبانون ديبايت" أنهم لطالما كانوا يوعدون بالتمثيل بمقعد نيابي وبمدارس للغة وبتحسين أوضاع الشباب الكردي المهمش الذي يشعر أنه مواطن درجة ثانية، لكنهم في كل مرة كانوا يُخذلون.
أما اليوم، تنقل عثمان المشهد الانتخابي الكردي، وتشير إلى أنه على الرغم من استمرار عدد كبير من الأكراد بالالتزام بالتصويت لزعماء السنة، للمرة الأولى يكون هناك وعي كردي والتفاف حول المرشحة الكردية الوحيدة عن المقعد السني في بيروت الثانية وهي نفسها حنان عثمان. ويرون في ترشّحها خطوة تاريخية، كونها أول مرشحة كردية تخوض المعركة الانتخابية، وهي الكردية الوحيدة بين 583 مرشحاً في لبنان.
تؤكد عثمان وهي مرشحة على لائحة "صوت الناس" أن ما دفعها لخوض المعركة بحكم عملها في الشأن الكردي منذ فترة طويلة، وأدركت أن الأمر لن يفيد بحماية اللبنانيين من جذور كردية وحماية ثقافتهم ووجودهم كهوية وجزء لا يتجزأ عن النسيج اللبناني، "لذلك ارتأيت ضرورة الترشح للانتخابيات النيابة للمطالبة بحق الأكراد اللبنانيين بالتمثيل كباقي الأقليات في لبنان".
وتلفت إلى أن برنامجها الانتخابي مرتكز على عدة أمور منها المطالبة بمقعد كردي في المجلس النيابي.
كما كان الدور الذي قام به المرأة الكردية من الناحية العسكرية والسياسية وبروز اسمها في محاربتها داعش، دافعاً قويا لعثمان لحمل ما سمّته بالميراث الكردي، "لأن هؤلاء نساء كرديات يحاربن ويقاتلن ويعملن في مجالات السياسة والدبلوماسية والتنظيم، ما يعني أن المرأة الكردية قادرة على صنع التغيير والفرق. وسألت نفسي عندها لماذا أبقى ضمن نطاق جمعيات من دون أن أستطيع تغيير القوانين أو أسن أخرى جديدة لصالح المجتمع اللبناني الذي يعاني من أزمات كبيرة".
هذه الأسباب مجتمعة وغيرها الكثير، دفعت عثمان للترشح لتكون "جزءاً من الحل"، و"ليتفعّل المجتمع الكردي ويقود نفسه بنفسه بدل أن يديره زعماء بحسب أهوائهم ومصالحهم".