هي المرّة الأولى، منذ سنوات طويلة، التي لم يتحالف فيها تيار المستقبل مع الجماعة الإسلامية. وهي الانتخابات الأولى التي لن توصل الجماعة نائباً لها إلى المجلس النيابي. خيار الرئيس سعد الحريري الابتعاد عن الجماعة، أدى إلى تشتيت توجهاتها وأصواتها. وفيما أصاب ذلك تيار المستقبل بضعف، يسعى التيار للتعويض عن ذلك من خلال تحالفات أخرى. في موازاة الخلاف بين الجماعة والمستقبل، كانت العلاقات تسوء بين الحزب التقدمي الاشتراكي والمستقبل. هذه الخلافات انفجرت إلى العلن قبل أيام، لكنها كانت بدأت مع إقرار قانون الانتخابات، وتفاقمت مع إصرار الرئيس الحريري على استبعاد الجماعة، واستبعاد تمثيل برجا.
لم يكن النائب وليد جنبلاط يريد القفز فوق الحريري في الشارع السنّي، رغم تنامي الخشية لديه من حصول ثغرات كثيرة في الشوف، بسبب استبعاد برجا وموقف الجماعة، التي لديها نحو أربعة آلاف صوت هناك، عدا عن الأصوات المتفرقة في مختلف قرى الإقليم. لكن خروج الحريري عن قواعد التحالف مع جنبلاط، وتخطّي تقاليد العلاقة بينهما، بالذهاب إلى حاصبيا وخلوات البياضة بدون التنسيق مع الاشتراكي لمصلحة التنسيق مع النائب طلال ارسلان، وبعدها زيارة الحريري إلى اقليم الخروب، خرج جنبلاط بموقف ورسائل اعتراضية، إذ وجد نفسه أمام حرية الحركة.
بادر قبل أيام في اتجاه الجماعة الإسلامية، ومثّلت الخطوة ضرباً تحت الحزام، دخل جنبلاط بثقله على خطّ استمالة السنّة الذين عمل الحريري على تهميشهم. كانت رسائل الردّ بدأت يوم السبت الماضي، باستقبال تيمور جنبلاط وفوداً من إقليم الخروب وهم يناصرون الحزب الإشتراكي. والخطوة الثانية كانت بلقاء جنبلاط مع الأمين العام للجماعة عزام الأيوبي. وقال جنبلاط بعد اللقاء: "تشاورنا في الاستحقاق الانتخابي. والمشكلة أن مدينة عزيزة عربية وطنية، هي برجا، أُقصيت من التمثيل النيابي بحكم الخطأ في الحسابات ليس من الحزب التقدمي بل من بعض الأفرقاء، وتدارسنا مع الإخوان في كيفية معالجة تمثيلها".
إذن، الرسالة واضحة. كان البحث بشأن كيفية حلّ عقدة تمثيل برجا. وتشير المصادر إلى أن البحث تركز على إمكانية منح الجماعة الإسلامية أصواتها للائحة المصالحة، ومرشح التقدمي في الإقليم بلال عبدالله. وستمنح الجماعة أصواتها التفضيلية في البقاع الغربي إلى النائب وائل أبو فاعور. ولا تخفي المصادر أن اللقاء تخلله استعراض لأفق العلاقة مع تيار المستقبل، وبعض انتقادات للتصرفات الأخيرة للحريري، لكن مع التشديد على أهمية الحفاظ على وحدة الموقف وإعادة الأمور إلى نصابها بين الجميع.
من خلال منح الجماعة الإسلامية أصواتها لمرشحي التقدّمي، فإن ذلك سيرفع حظوظ مرشحي جنبلاط، الذي كان يخشى ردّة فعل سلبية في الشارع السنّي بسبب عدم تمثيل برجا. فيما نشطت، في الساعات الأخيرة، الاتصالات بين الاشتراكي والمستقبل لإزالة تداعيات غيمة الأسبوع الفائت، وإعادة شد الأواصر على أبواب فتح صناديق الاقتراع، كي لا يؤثر ذلك على مزاج الناخبين، لأن هدف الاشتراكي هو رفع المشاركة لرفع الحاصل الانتخابي، كي لا تحصل خروقات غير محسوبة. وفي هذا السياق، سيزور تيمور جنبلاط، الجمعة، إقليم الخروب، حيث سيجول في مختلف القرى، وسيلتقي الجماعة الإسلامية. وسيزور مقرّ تيار المستقبل هناك، لإعادة اللحمة إلى العلاقة. كذلك، هناك إمكانية لأن يزور رئيس اللقاء الديمقراطي الإقليم أيضاً يوم السبت، على أن يعقد لقاءات في برجا، ومع مفتي جبل لبنان. ومن المفترض أن يزور الجماعة الإسلامية وتيار المستقبل.