انتظر ان تمر الساعات كي ينهي عمله في محل الحدادة والبويا، وعندما حان الوقت وانطلق مع ابن خالته حسن الحلال في طريق عودته الى منزله، صادف مجموعة شبان اعتادوا التعرض للمارة في منطقة عين بزيل- صربا، بدأوا الاستهزاء به مشبهينه بـ"الخروف"، قبل ان ينهالوا عليه بالضرب حتى الموت... هو خالد رشيد عكاري ابن بلدة وادي الجاموس في عكار الذي فارق الحياة نهار الأربعاء. لا لذنب ارتكبه سوى انه "آدمي" مرّ امام وحوش كاسرة.
الوداع الاخير
خالد الذي انتقل قبل ثلاثة ايام الى عمله في الشارع الذي لفظ فيه آخر انفاسه، كان يعمل كما قال والده لـ"النهار" في منطقة قريبة له في زوق مكايل، وشرح: "منذ ان انتقل الى هناك ومجموعة الزعران تتعرض له كما تتعرض لغيره، الى ان انهالت عليه بالضرب يوم الأربعاء ولم تتوقف الا بعد ان قتلته بطعنة في الرأس"، لافتا إلى أنّ "عددهم نحو 15 شخصاً، يتعاطون المخدرات، تم توقيف 7 منهم، ولا يزال 8 فارين من وجه العدالة" ، مطالبا بإعدامهم، فقد خسر كما قال روحه التي كان يحيا بها، تخذله دموعه قبل ان يضيف: "لم أره صباح الأربعاء، خرجت من المنزل قبله الى العمل، عندما استيقظ، ودع والدته وطلب منها كعادته ان ترضى عنه، ليصلنا خبر وفاته في المساء"، متسائلاً: "بأي ذنب قتل؟ وهو الشاب الهادئ العصامي ابن الاربعة عشر ربيعاً، الذي دخل معترك العمل من اجل مساعدة عائلته، فهل نحن في غابة ام في دولة يحكمها القانون؟".
مضايقات وتوقيفات
في عائلة مؤلفة من 4 شبان و9 فتيات ترعرع خالد على محبة الناس والابتعاد من الاشكالات، لكن كما قال شقيقه محمود: "لم يكفّه الزعران شرّهم، فقد اعتاد هؤلاء التعرض للآخرين من دون ان يردعهم شيء، ومن يرى جسد اخي المزرقّ من اسفل قدميه الى رأسه يعلم انهم وحوش لا بشر، فحتى الحيوانات لا تفتك بضحيتها كما فعلوا". في حين شرح قريبه مختار وادي الجاموس محمد عكاري: "بعد ان انهى خالد وهو من مواليد العام 2001 عمله مع ابن خالته حسن البالغ من العمر 18 سنة، توجها الى الاوتوستراد كي ينتقلا بالباص الى البلدة، لكن قبل وصولهما دخل حسن لشراء قارورة ماء، خرج من المحل ليجد الزعران ينهالون بالضرب على خالد، فتعرض هو الآخر لبضع لكمات على خصيته قبل ان يتمكن من الهرب".
قدمت عائلة عكاري دعوى في فصيلة جونية، وبحسب ما اكد مصدر في قوى الامن الداخلي لـ"النهار"، انه "تم توقيف سبعة اشخاص، والعمل جار لتوقيف بقية المتورطين". وعن سبب الاشكال، قال: "بدأ الشبان الاستهزاء بخالد الذي كان مارا مع ابن خالته حسن من المكان، حيث شبّهوه بالخروف لينهالوا بعدها عليه بالضرب حتى الموت". وكانت القوى الامنية ومخابرات الجيش تمكنت بعد اقل من ساعتين على مقتل خالد من توقيف 7 متورطين بعد مداهمات حصلت في زوق مكايل وجونيه وصربا.
استنكار ووعيد
بلدية واهالي وادي الجاموس أصدروا بياناً اليوم عبروا خلاله عن استنكارهم "للجريمة الارهابية التي حصلت في جونية". ومما جاء فيه "خمسة عشر وحشا في جونية يعيثون في الأرض فسادا ولا رادع لهم، الغرابة في ذلك أن جونية مدينة الحضارة والعلم والتقدم والصناعة تحوي هذه العصابات التي أقدمت على هذه الجريمة الإرهابية البشعة النكراء. تصوروا (15 شابا) بأجسامهم ورؤوسهم الكبيرة ينهالون ضربا بأيديهم وركلا بأرجلهم على ولدين صغيرين، ولكن الصورة التي لا نستطيع تصورها ولدان بين 15 شابا... فعلى ماذا يدل هذا؟ كل هذا لم ينفس حقدهم وكراهيتهم حتى شهر أحدهم حربة وصب جام غضبه وتعصبه وجرمه على الطفل خالد، حيث طعنه في رقبته من الخلف".
واضاف البيان: "عصابة تعيث فسادا في مدينة الحضارة والصناعة، فالجريمة اقترفتها يد الغدر بحق خالد عكاري وحسن الحلال، مع العلم أن هذين الشابين وغيرهما من البلدات العكارية، هم أساس نهضة هذا المجتمع، يرفعونه ويحركون عجلة العمل وإقتصاد مدينة جونية ، فمنهم من هو حداد ودهان وميكانيكي سيارات، فهل مكافأتهم من أبناء جونية أن يقتلوا بهذا الشكل البشع الحاقد؟" وختم: "نحن آل عكاري وأبناء بلدة وادي الجاموس وبلدات عكار التي تنهض وترقى بهذه المدينة بدماء ابنائها، وضعنا هذه الجريمة في عهدة القضاء اللبناني والأجهزة اللبنانية والعدالة اللبنانية. ونطلب من الدولة انزال اشد العقوبات بهؤلاء المعتدين جمعيا، وإلا فجونية ليست ببعيدة عنا وهذا الاعتداء هو دمار للشارع اللبناني وتهديد للسلم الاهلي والعيش المشترك".