ما إن أطلق المرجع الشيعي علي السيستاني، على لسان معتمديْه الرئيسييْن أحمد الصافي وعبد المهدي الكربلائي، مقولة «المجرَّب لا يُجرَّب» كمعيار للانتخابات، حتى انتشرت الكلمة كشعارٍ انتخابي للقوى والأحزاب الجديدة، فيما بادرت الأحزاب التقليدية إلى تفسير الشعار حتى لا يُعتبر دعوة إلى عدم انتخابها.
وكان وكيلا السيستاني في كربلاء، بمعرض التعليق على تشكيل حكومة عام 2014، رددا عبر خطب الجمعة مقولة «من جرَّب المجرَّب حلّت عليه الندامة» التاريخية، والتي اختُصرت لاحقاً الى «المجَرَّب لا يُجرَّب»، من دون التطرق مباشرة الى تفاصيل الانتخابات، التي أكدا عدم تدخل المرجعية الدينية فيها امتداداً لامتناع السيستاني عن التدخل المباشر في الشأن السياسي.
لكن العبارة تحوّلت في موسم انتخابات 2018، الى رمز انتخابي رفعته غالبية الأحزاب العراقية الجديدة، على اعتبار أنه يعني الحض على عدم انتخاب الجيل السياسي السابق، وانتخاب الوجوه الجديدة بديلاً منه.
وكتب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، رداً على استفسارٍ من أحد أنصاره حول هذا الجدل أول من أمس، أن «مقولة المجرب لا يجرب يجب أن تُطبق، سنعمل على ذلك بكل ما آتانا الله من قوة وحب لدى الشعب العراقي، ويجب ألا تُكسر مقولة المرجعية بأي صورة من الصور، ونقول شلع قلع».
وارتفعت عبارة «المجرب لا يجرب» على لافتات انتخابية كثيرة وإعلانات تلفزيونية، وانشغلت برامج كثيرة بتفسيرها، ونشَر كُتابٌ مقالاتٍ في تفسيرها، وتضاربت آراءهم بتضارب المواقف السياسية منها، كما استخدمها المرشحون الجدد لحض الناخبين على عدم انتخاب أي من السياسيين السابقين والاستعانة بأجيال سياسية جديدة.
وردّ نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي في مقابلة تلفزيونية على تداول المقولة وإن كان المقصود منها كل الطبقة السياسية القديمة، بالقول: «إن المقصود منها السياسيون الفاسدون فقط، أما من عمل بنزاهة فتجب إعادة انتخابه». كما اعتبرها مستشار الأمن الوطني السابق موفق الربيعي مقولة خاطئة، داعياً إلى الاستعانة بذوي الخبرة في العمل السياسي.
وانتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية فيديوات عدة لرجال دين مختلفين تشرح المقولة، إذ اعتبرها علي السيد علي الطالقاني واضحة، وتشير إلى عدم انتخاب النواب أو التنفيذيين السابقين. واتفق معه عددٌ كبير من الخطباء، خصوصاً المقربين من مرجعية السيستاني، فيما قال رجل الدين القيادي السابق في المجلس الإسلامي الأعلى جلال الدين الصغير خلال خطبة الجمعة، أن «المجرّب في مواقع المسؤولية وحقق النجاح، أفضل من النزيه غير المجرّب».
وأمام هذا الجدال، سرَت أخيراً تكهنات بأن السيستاني سيُصدر عبر معتمديْه اليوم تفسيراً للعبارة. لكن التفسير، وفق المراقبين، قد يشكل بدوره أزمة جديدة، خصوصاً في ما لو اعتُبر تدخلاً في سياق الانتخابات.