يستكمل مجلس الوزراء، في جلسته اليوم، مناقشة ملف الكهرباء، الذي انتهت على إثره الجلسة ما قبل الماضية، على خلفية الخلاف الذي اندلع بين وزيري الخارجية والمغتربين جبران باسيل والمال علي حسن خليل، بعدما عرض وزير الطاقة والمياه سيزار ابي خليل لملف الكهرباء وتحدث عن سلة من الاجراءات الواجب اتخاذها لمعالجة الازمة.
"لا بد من معالجة موضوع الكهرباء بشكل نهائي"، قالها رئيس الجمهورية ميشال عون في جلسة 12 نيسان الحالي في بعبدا. لكن لا يبدو أن رياح الحلول تجري كما تشتهي سفن عون الذي سبق وقال إنه يريد تأمين الكهرباء للناس ولا يهمه كيف، إذ إن الوصول لحائط مسدود هو حال كل جلسة يُطرح فيها ملف الكهرباء على أو من خارج جدول الأعمال.
علما أن الحكومة يواجهها تحديان أساسيان يزيدان من ضرورة إنهاء أزمة هذا الملف، أولها أن مجلس الوزراء في أيامه الأخيرة قبل أن يدخل بفترة تصريف الأعمال بعد الانتخابات النيابية، وإلا ستورّث أزمة الكهرباء للحكومة المقبلة. وثانيها أن على الدولة اللبنانية إجراء الإصلاحات المطلوبة المشروطة للحصول على أموال مؤتمر سيدر بأسرع وقت.
وتوقعت مصادر وزارية أن تكون جلسة اليوم حامية جداً، "لأننا في فترة انتخابات يستميت فيها كل طرف لفرض رأيه"، متخوفة من أن يكون ملف الكهرباء بوابة جديدة لتعطيل ملفات أخرى، على اعتبار أن وزراء القوى السياسية خبراء في سياسة التعطيل.
ثلاث حلول مطروحة اليوم على طاولة الكهرباء المرتفعة السخونة؛ البواخر، واجترار الكهرباء من دول مجاورة، أو بناء معامل على الأرض. ماذا يقول أهل الاختصاص، وأي من هذه الحلول الأفضل؟
يؤكد الخبير الاقتصادي البروفسور جاسم عجاقة لـ"ليبانون ديبايت" أن خطة أبي خليل هي نفسها التي تخصّ باسيل للعام 2010، لكن الأول أضاف عليها استئجار البواخر خلال فترة مؤقتة (سنتين)، ريثما يعاودوا البدء بتنفيذ الخطة الباسيلية التي توقفت بسبب الخلاف على دير عمار.
ويقول عجاقة إن خطة باسيل مبنيّة على تنوع حراري (غاز وطاقة متجددة)، لكن الثغرة الأساسية فيها أنها تحمّل عبء المرحلة الانتقالية للدولة اللبنانية، لكنها في المراحل التالية تذكر بشكل واضح وصريح الشراكة مع القطاع الخاص.
ويرى الخبير الاقتصادي أن طرح البواخر ليس بالسيئ لكن شريطة أن يقع عبء التكلفة على عاتق القطاع الخاص مع الحفاظ على الدور الرقابي والتنظيمي للدولة، مع الاشتراط على القطاع الخاص بالالتزام بالسعر المنصوص عليه في دفتر الشرط كي لا تُترجم كلفة الاستئجار العالية فاتورة مرتفعة على كاهل المواطن.
ويتوقع عجاقة أن يكون القطاع الخاص مهتماً بملف الكهرباء، ويتهافت للاستثمار في هذا القطاع، لأن لا مشكلة ربحية فيه.
أما في ما يخص باقي الطروحات، لا يرى الخبير ذاته في اجترار الكهرباء حلاً، لأن لا شيء يضمن استمرارية هذا الاستيراد الذي هو عرضة لأمور عدة متعلقة بالدول التي يتم استيراد الطاقة منها.
أما إنشاء المعامل، يقول "لا ضير بإنشاء معامل حرارية لا سيما أن المعامل الحرارية الموجودة عمرها لا يتجاوز 30 سنة وهي تعمل منذ 40 سنة، ما يعني أنه من الممكن أن تتوقف فيها وحدات الضخ التي تخطت عمرها في أي وقت". لكن يربط إنشاء هذه المعامل بشرط مراعاة التطور الاقتصادي، "لا يمكن التكلم عن الكهرباء بمعزل عن التطور الاقتصادي".
بمعنى آخر بناء معامل بالاعتماد على الغاز لا الفيول، كون الأخير مرتبط بشكل مخيف بتغيرات الأسعار التي تعود بتداعيات مباشرة على خزينة الدولة، وهي التغيرات المرتبطة بضغوط سياسية. أما الغاز أسعاره أكثر استقراراً من النفط، وفي لبنان ثروة غازية، ويلفت إلى ضرورة التوجه في المعامل أيضاً نحو الطاقة المتجددة.