لافت هو الطعن الذي تقدّم به عشرة نواب في شأن المادة 49 من الموازنة المخصصة لتملك الأجانب. أولاً، من حيث التوقيتح وثانياً من حيث النواب المجتمعين على هذا الطعن، إذ أنهم اجتمعوا من مشارب مختلفة. من حيث التوقيت، تسجّل خطوة الطعن للنائب سامي الجميل، الذي كان أول من أثار مسألة هذه المادة والاعتراض عليها وعدم دستوريتها. وتزامن الطعن مع توجيه رئيس الجمهورية رسالة إلى مجلس النواب، لإعادة النظر بهذه المادة. موقف رئيس الجمهورية أسهم بمساعدة الجميل بموقفه، وفق ما تفسّره مصادر قريبة من الجميل.
يعتبر رئيس حزب الكتائب أن ما قام به هو شرف لمجلس النواب، لأنه يعني استمرار النواب بعملهم التشريعي والمراقب حتى في آخر ولاية هذا المجلس. ولا يخفي الكتائبيون نجاحهم في تسجيل هدف كبير في مرمى السلطة، خصوصاً أن النواب الذين اجتمعوا ينتمون إلى توجهات مختلفة، من بينهم نائبان من التيار الوطني الحرّ. صحيح أن ما دفع النائبين يوسف خليل وجيلبيرت زوين، كما النائبين إيلي عون وسيرج طور سركيسيان، هو انفصالهم بالترشح عن الكتل التي كانوا ينتمون إليها، وهذا ما عزز طعن الجميل.
يرى الجميل أنه على المجلس الدستوري النظر بهذا الطعن بشكل قانوني، وأمامه فرصة للتصحيح ونحن نؤمن بالمؤسسات الدستورية وبأن المواجهة يجب أن تكون هنا. ويعتبر الجميل أن هناك مخالفات كثيرة في الموازنة، ليس لجهة هذه المادة فحسب بل بسبب إرسال الموازنة بدون قطع حساب أيضاً. وهذا غير قائم قانونياً، ومن المفترض أن يدرس المجلس هذا الطعن خلال فترة عشرة أيام لاتخاذ قراره. وو ما دفع الرئيسين ميشال عون ونبيه بري إلى التواصل والاتفاق على وقف العمل بمضمون رسالة رئيس الجمهورية، ريثما يعلن المجلس الدستوري قراره بشأن الطعن.
وفي الأسباب القانونية الموجبة لقبول الطعن، وفق النواب الطاعنين هي، أولا هناك مخالفة للفقرة ط من مقدمة الدستور والمواد 83، في ما يتعلق بالمادة 49 من الموازنة، التي تعتبر تشريعاً لإقامة الأجانب واللاجئين السوريين خصوصاً، بشكل غير محدد في الزمن. ما يشكل تعدياً على مصلحة لبنان العليا".
وهناك مخالفة أخرى تتعلق بالمادة 87 المتعلقة بقطع الحساب، وهي مخالفة لمبدأ فصل السلطات وتوازنها عبر منع مجلس النواب من ممارسة صلاحياته الرقابية والمالية، وللفقرة هـ من مقدمة الدستور والمواد 81 و82. وهناك مخالفة في المهل الدستورية المنصوص عنها في المادتين 32 و83، ومخالفة سنوية الموازنة، ومخالفة وحدة الموازنة وشمولية الموازنة.
ويؤكد النواب أن الهدف من الطعن يكمن في وقف الخطأ الكبير الذي ارتكب في حق البلد من خلال المادة 49 من الموازنة أولاً، وإعادة الأمور إلى نصابها على الصعيد المالي، لأن الطعن يهدف إلى وقف التعدي على مالية الدولة والحفاظ على مال الناس والانتظام المالي الذي انتهِك في هذه الموازنة. وفيما يوجه البعض الاتهام إلى الجميل بأنه لجأ إلى تقديم الطعن في توقيت انتخابي، يهدف من خلاله إلى رفع شعبيته وكسب مزيد من المتعاطفين معه على أبواب الانتخابات، ينفي الجميل ذلك ويعتبر أنه يقوم بواجبه، ولا مجال لإدخال هذا الطعن في الحسابات السياسية.