في زحمة الأزمات المتفاقمة والمشاكل المزمنة التي تعاني منها منطقة بعلبك الهرمل يتصدر تحالف الثنائي الشيعي (حزب الله) وحركة أمل والمتحالفين معه مشهد الانتخابات النيابية، والذي لم يعد يفصلنا عن هذا الإستحقاق الإنتخابي سوى أقل من أسبوعين، وذلك من خلال ماكينة انتخابية جاهزة للقيام بمهمتها الموكلة إليها ولديها الخبرة الكافية التي اكتسبتها من خلال التجارب العديدة التي مرت بها وقامت بها على أفضل ما يكون في مثل هذه الإستحقاقات الإنتخابية المماثلة على الصعد النيابية والبلدية والاختيارية، بحيث انطلقت هذه الماكينة بنشاطها منذ شهور عديدة بدءًا بالتنقيب في لوائح الشطب عن الأخطاء الواردة فيها بحق المحازبين والمؤيدين لهذا التحالف بغية تصحيح هذه الأخطاء واستصدار بطاقة هوية لمن يفتقدها، مرورًا بالجولات الإنتخابية على الزعامات والمخاتير والقيادات والمرجعيات في كل حي وكل زاروب وشارع المتواجدة في مدن وقرى وبلدات هذه المنطقة لاستنهاض الهمم والتذكير بدماء الشهداء وتضحيات المقاومة ضد العدو الإسرائيلي والجماعات الإرهابية.
إقرأ أيضًا: إهتمام المواطن في منطقة بعلبك الهرمل
ويتزامن ذلك مع ورشة ناشطة لتعليق صور مرشحي اللائحة والشعارات واليافطات على معظم سطوح الأبنية العالية وعلى أعمدة الكهرباء المنتشرة على جانبي الطرقات الرئيسية والداخلية وعلى الاوتسترادات العامة، مضافًا إلى ذلك استغلال المناسبات وخصوصا الدينية والتجمعات لمصادرة المنابر واعتلائها من قبل قيادات في الحزب وحركة أمل وإلقاء الخطب الرنانة المفعمة بالوعود الفضفاضة وبمناقب أعضاء الائحة ومآثرهم وغيرتهم على المنطقة وعلى الوطن وبكلام معسول لا يسمن ولا يغني من جوع.
ويلي هذه القائمة من حيث القوة والحصول على أكبر عدد ممكن من الأصوات لائحة تحالف تيار المستقبل والقوات اللبنانية مع بعض الشخصيات الشيعية المستقلة والمشهود لأعضاء هذه اللائحة بالكفاءة والنزاهة ونظافة الكف والخبرة وتقديم الخدمات والتاريخ النضالي. ومنهم النائب السابق يحيي شمص ورئيس بلدية بعلبك الأسبق المحامي غالب ياغي الخارج من رحم العروبة والقومية العربية دون أن ننسى الأستاذ حسين الصلح منسق تيار المستقبل السابق لمنطقة بعلبك والقيادي الناشط في منظمة العمل الشيوعي، ويلي هاتان اللائحتان ثلاث لوائح غير مكتملة، ويمثل كل عضو من أعضائها حيثية شعبية واسعة في المنطقة.
إقرأ أيضًا: تحالفات الحزب بعد الإنتخابات
وإذا كان المشهد الانتخابي العام والظاهر للعيان في منطقة بعلبك الهرمل يوحي بأن المنافسة على أشدها بين لائحة الثنائي الشيعي ولائحة تحالف القوات والمستقبل وبنسبة أقل مع اللوائح الأخرى، إلا أن هناك اعتقاد كبير لدى أوساط المعارضة الشيعية التي تخوض معركة الانتخابات البرلمانية بوجه لوائح الحزب أن هناك قرار دولي يقضي بحجب أي دعم إقليمي لهذه المعارضة، وهناك التزام تام من الدول الإقليمية بهذا التوجه كي لا تؤدي نتائج الانتخابات الحالية إلى أي تغييرات كبيرة في الواقع النيابي وخاصة في ما يتعلق بحجم الحزب داخل البرلمان.
ووفق رؤية دقيقة داخل الطائفة الشيعية لها علاقة بتغيير المزاج العام تجاه تحالف الحزب وحركة امل فإن المعارضة الشيعية تعتبر أن توفر الإمكانات المالية اللازمة لخوض التحدي بوجه هذا التحالف من شأنه أن يؤدي إلى منافسته وتحقيق اختراق وإن كان محدودًا في دائرة بعلبك الهرمل وبعض دوائر الجنوب.
وبالتالي فإن الإنتخابات تُخاض ضمن قواعد محسوبة بدقة ومتفق عليها بين الحزب وتيار المستقبل والتيار الوطني الحر، والإتهامات المتبادلة والمهرجانات تندرج ضمن المسموح به وهي من لوازم اللعبة الإنتخابية.
وعليه فإن الإنتخابات النيابية المقبلة ليست أكثر من إعادة إنتاج السلطة من جديد، ولكن وفق معايير وشروط تؤمن استقرارًا داخليًا بات مطلوبًا وبإلحاح من المجتمع الدولي.